للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صلّى الله عليه وسلّم: [يحشر النّاس يوم القيامة من قبورهم حفاة عراة غرلا] فقالت عائشة: وا سوأتاه يا رسول الله! أما يستحيي بعضهم من بعض؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: [لكلّ امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه] (١).قوله تعالى: {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً} (٤٨)؛أي بل زعمتم في الدّنيا أن لن نجعل لكم أجلا للبعث، وهذا خطاب لمنكري البعث خاصّة.

قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ؛} أي كتاب كلّ إنسان في يده، بعضهم في اليمين وبعضهم الشّمال، {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ؛} أي المذنبين وهم المشركون؛ {مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ؛} أي خائفين مما في الكتاب، يدعون على أنفسهم بالويل والثّبور؛ {وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها؛} قال ابن عبّاس: (الصّغيرة التّبسّم، والكبيرة الضّحك) (٢).وقال ابن جبير: (الصّغيرة المسيس والتّقبيل، والكبيرة الزّنا).والمعنى لا يترك صغيرة ولا كبيرة من أعمالنا إلاّ أثبتها.

قوله تعالى: {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً؛} أي وجدوا جزء ما عملوا مكتوبا مثبتا في الكتاب، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (٤٩)؛أي لا ينقص من حسنات أحد، ولا يزيد في سيّئات أحد، ولا يعاقب بغير جرم. وروي أنّ الفضيل بن عياض كان إذا قرأ هذه الآية قال: (صحوا والله من الصّغار قبل الكبار).

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ؛} قد تقدّم تفسيره. قوله تعالى: {كانَ مِنَ الْجِنِّ؛} تقدّم أيضا، الخلاف في أنه من الملائكة أم من الجنّ، بني الجان، والصحيح أنه من بني الجانّ جنس غير جنس الملائكة؛ لأنّ الملائكة رسل الله، ولا يجوز على رسول من رسل الله أن يكفر، {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ؛} أي خرج عن طاعة ربه، وقيل: ردّ أمر ربه، {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي؛} هذا استفهام بمعنى الإنكار، يقول:


(١) رواه النسائي في السنن الكبرى: كتاب الجنائز وتمني الموت: الحديث (٣/ ٢٢١٠).
(٢) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٤٠١؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه).

<<  <  ج: ص:  >  >>