للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيف تطيعونه وقد فسق، {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ،} وهو اليوم عدوّ لكم، {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} (٥٠)؛ما استبدل الظّالمون عن رب العزّة إبليس لعنه الله حيث تركوا طاعة من خلقهم، وأنعم عليهم، ويجازيهم جنة الخلد، وأطاعوا من يؤدّيهم إلى العقاب الدائم.

قوله تعالى: {(وَذُرِّيَّتَهُ)}. قال قتادة والحسن: (يعني أولاد إبليس؛ وهم يتوالدون، كما يتوالد بنو آدم)،قال مجاهد: (فمن ذرّيّة إبليس ولهان؛ وهو صاحب الطّهارة والصّلاة، وزلنبور صاحب راية إبليس لكلّ سوق، ودثّير صاحب المصائب يأمر بضرب الوجه والدّعاء بالويل والثّبور وغير ذلك، والأعور وهو صاحب أبواب الزّيادة، ومنيوط وهو صاحب الأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه النّاس فلا يوجد لها أصل، وداسم هو الّذي إذا دخل الرّجل بيته فلم يسلّم ولم يذكر اسم الله ضرّه في المتاع ما لم يرفع ولم يوضع في موضعه، وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه.

ومن أولاد إبليس الهفّاف ومرّة، وبه كان يكنى أبا مرّة).وقال ابن زيد: (إنّ إبليس أبو الجنّ، كما أنّ آدم أبو الإنس، قال الله تعالى لإبليس: إنّي لا أخلق لآدم ذرّيّة إلاّ جعلت لك مثلها، فليس من ولد آدم أحد إلاّ بشيطان قرن به) (١).

قوله تعالى: {*ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ؛} يعني إبليس وذريّته، والمعنى: ما اطلعتهم على خلق السّماوات والأرض، ولا أحضرتهم، ولم يكونوا موجودين يوم خلقت السّماوات والأرض، ولا أشهدت بعضهم خلق بعض، ولا أعطيتهم العلم وكيفيّة خلق الأشياء، ولو كنت ممن يستعين بأحد لما استعنت بالمضلّين، فكيف والاستعانة عليّ مستحيلة إذا أردت خلق شيء كان. والمعنى أنّكم اتبعتم الشيطان، كاتّباع من يكون عنده علم باطن الأشياء، وأنا ما أشهدتهم خلق السّماوات والأرض ولا خلق أنفسهم.


(١) هذه الآثار ذكرها الطبري في جامع البيان: ج ٩ ص ٣٢٥ - ٣٢٦.وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٤٠٣ عزاها السيوطي لابن أبي الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>