مقدور للبشر. ومعنى الآية: فلو قدر هو على افتراء القرآن لقدرتم أنتم على الإتيان بسورة مثله.
قوله تعالى:{وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ؛} أي استعينوا على الإتيان بسورة مثل القرآن بكلّ من قدرتم عليه، {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}(٣٨)؛أن محمّدا اختلقه من تلقاء نفسه، فإنّ العادة لم تجر بأن يستبدّ إنسان بالافتراء على كلام لا يقدر أحد أن يأتي بمثله.
فلمّا قرأ عليهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية فلم يجيبوا، فأنزل الله:
قوله تعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ؛} أي بل كذبوا بما لم يدركوا من كيفيّة ترتيبه ونظمه، وما فيه من الجنّة والنار والبعث والقيامة والثواب والعقاب، {وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ؛} أي ولم يأتهم بعد حقيقة ما وعدوا في الكتاب مما يؤول إليه أمرهم من العقوبة والعذاب على التكذيب.
قوله تعالى:{كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} أنبياءهم من البعث، {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ}(٣٩)؛يعني أنّ عاقبتهم العذاب والهلاك بتكذيبهم، كذلك يكون عاقبة هؤلاء.
قوله تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ؛} قال ابن عبّاس: (يعني ومن اليهود من يؤمن بالقرآن في المستقبل، ومنهم من يصرّ على كفره فلا يؤمن به)، {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ}(٤٠)؛باليهود من يؤمن ومن لا يؤمن، وقال مقاتل:(نزلت في أهل مكّة).وقيل: في الآية إشارة إلى أنه لولا أنّ الله تعالى علم أنّ منهم من سيؤمن في المستقبل لأهلكهم جميعا في الحال.
قوله تعالى:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ؛} أي إن كذبك قومك في ما أتيتهم به فقل: لي جزاء عملي، ولكم جزاء أعمالكم، {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ؛} من جزاء عملي، {وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ}(٤١)؛من جزاء أعمالكم، وكان هذا القول مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على جهة حسن العشرة معهم لا لأنه كان