قوله تعالى:{فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}(٣٥)؛معناه: أيّ شيء لكم في عبادة الأوثان؟ فكيف تقضون لأنفسكم، فتعبدون من لا يستحقّ العبادة؟
قوله تعالى:{وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنًّا؛} أي ما يعبد أكثرهم الأصنام إلاّ تقليدا لآبائهم وقبائلهم بظنّ يظنّونه في غير يقين، يعني أنّ رؤساءهم قالت لهم: إن الأصنام تشفع لهم عند الله، وأما السّفلة فلا يعلمون إلا ما قالت رؤساؤهم.
وقوله تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً؛} أي إنّ الظنّ في موضع يمكن الوقوف فيه على العلم لا يغني عن الحقّ شيئا؛ لأنه لا يكون ذلك بمنزلة من عرف شيئا باليقين ثم ترك ما عرف بالظنّ، فإن علمه بالظنّ لا يغني عن عمل الحقّ شيئا، وعبادة الصّنم بالظنّ لا تغني من عذاب الله شيئا. قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ}(٣٦)؛وعيد لهم على كفرهم.
قوله تعالى:{وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ؛} هذا جواب عن دعواهم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الافتراء على الله وقولهم: ائت بقرآن غير هذا أو بدّله، معناه: إن القرآن كلام الله في أعلى طبقات البلاغة بحسن النظام، فليس هذا مما يقدر أحد أن يفتريه على الله، {وَلكِنْ تَصْدِيقَ؛} الكتب المنزّلة، {الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ،} من التوراة والإنجيل والزّبور؛ لمجيئه شاهدا لها بالصّدق، وبكونه مصادقا بما تضمّنته تلك الكتب من البشارة.
ويجوز أن يكون معنى التصديق لما {(بَيْنَ يَدَيْهِ)} أي التصديق بما بين يدي القرآن من البعث والنّشور والحساب. قوله تعالى:{وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ؛} معناه: وتبيين المعاني المختلفة من الحلال والحرام والأمر والنهي، {لا رَيْبَ فِيهِ؛} أي لا شكّ فيه أنه حقّ، {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ}(٣٧).
قوله تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ؛} معناه: بل يقولون: إنّ محمّدا اختلق هذا القرآن من تلقاء نفسه! قل يا محمّد: إن كان هو اختلقه فأتوا بسورة من مثل ((سور)) القرآن، فإنّما قال ذلك؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نشأ بين أظهرهم وتعلّم اللغة منهم، فإذا لم يأتوا مع حرصهم على تكذيبه وإبطال أمره، دلّ أنّ مثله غير