للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ؛} قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ سبعة عشر رجلا من المنافقين من بني عمرو بن عوف قالوا فيما بينهم: تعالوا نبني مسجدا يكون متحدّثنا ومجمع رأينا بأن تأتوا إلى رسول الله وتستأذنوه أن نبني مسجدا لذوي العلّة واللّيلة المطيرة. فأذن لهم فبنوا مسجدا، وكان يؤمّهم في ذلك المسجد مجمع بن الحارثة، وكان قارئا للقرآن فأنزل الله هذه الآية) (١).ومعناها:

والذين اتّخذوا مسجدا للضّرار والكفر والتفريق بين المؤمنين.

قوله تعالى: {(وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ)} أي وانتصارا لمن حارب الله ورسوله، وهو أبو عامر الراهب كان حارب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل بناء هذا المسجد، ومضى إلى هرقل ملك الرّوم يستعين به على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاسقا، قال: [لا تسمّوه الرّاهب]،ودعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمات كافرا بقنسرين موضع بالشّام (٢).

قوله تعالى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى؛} معناه: ليحلف المنافقون أنّا لم نرد ببناء هذا المسجد إلا الخير، وهم كذبة في حلفهم لقوله تعالى: {وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} (١٠٧)؛ما بنوه للخير.

روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا قدم المدينة مهاجرا أقبل إليه أبو عامر هذا المذكور فقال له: ما هذا الّذي جئت به؟ قال: [الحنيفيّة دين إبراهيم عليه السّلام] قال أبو عامر: وأنا عليها، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [فإنّك لست عليها] قال: بلى؛ ولكنّك أدخلت في الحنيفيّة ما ليس منها، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [ما فعلت ذلك، ولكن جئت بها بيضاء نقيّة] فقال أبو عامر: أمات الله الكاذب منّا طريدا وحيدا غريبا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [آمين] فسمّاه أبو عامر الفاسق.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان عن عبد الله بن عباس وغيره: الحديث (١٣٣٦١ - ١٣٣٦٣).
(٢) أخرج القصة الطبري في جامع البيان: الحديث (١٣٣٦٣ - ١٣٣٦٤).وابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٠٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>