للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١٠٥)؛ ظاهر المعنى.

قوله تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} معناه: من أهل المدينة قوم آخرون مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم بتخلّفهم عن الجهاد، وإمّا يتجاوز عنهم بتوبتهم عن الذنوب، {وَاللهُ عَلِيمٌ؛} بهم {حَكِيمٌ} (١٠٦) يحكم في أمرهم ما يشاء. و (إمّا) في الكلام بوقوع أحد الشّيئين، والله تعالى عالم بما يصير إليه أمرهم، إلاّ أنّ هؤلاء العباد خوطبوا بما يتفاهمون فيما بينهم ليكون أمرهم عندكم على هذا، أي على الخوف.

قال ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في الثّلاثة الّذين خلّفوا وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الرّبيع العمريّ، وهلال بن أميّة الواقفيّ، وهم من الأنصار تخلّفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك، قال كعب بن مالك: أنا أفره أهل المدينة جملا فمتى ما شئت لحقت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأقام حتّى مضت عليهم ثلاثة أيّام ثمّ آيس أن يلحقهم وندم على صنيعه، وأقام صاحباه معه، وندما لكن لم يفعلا ما فعله أبو لبابة وأوس ووديعة.

ففقدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول هذه الآية، ونهى النّاس عن أن يجالسوهم أو يواكلوهم أو يشاربوهم، وأرسل إليهم أن اعتزلوا نساءكم، وأرسل إلى أهليهنّ، فجاءت امرأة هلال فقالت: إنّ هلالا شيخ كبير وإن لم آته بطعام هلك، فقال صلّى الله عليه وسلّم:

[وإيّاك أن يقربك] قال كعب: فمررت على أبي قتادة فسلّمت عليه ولم يردّ عليّ السّلام، وكلّمته فأبى أن يكلّمني، فاستعبرت وقلت: أما والله إنّك لتعلم أنّي أحبّ الله ورسوله. قال: الله ورسوله أعلم. فمضى على هذا خمسون يوما، فلمّا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت أنزل الله (هو التّوّاب الرّحيم) (١).


(١) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب التوبة: باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه: الحديث (٢٧٦٩/ ٥٣)؛عن عبد الله بن كعب عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>