قوله تعالى:{أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ}(٢٠)؛أي لا تموتان فتفنيان أبدا، فذلك قوله تعالى:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} أي على شجرة من أكل منها لم يمت. وقوله تعالى:{وَمُلْكٍ لا يَبْلى} أي جديد لا يفنى. وعلى قراءة من قرأ «(ملكين)» بكسر اللاّم استدلالا له بقوله تعالى:
{هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى}.
قيل: كيف أوهمهما أنّهما إذا أكلا من تلك الشجرة تغيّرت صورتهما إلى صورة الملك، أو يزداد في حياتهما؟ قيل: أوهمهما أنّ من حكمة الله أن من أكل منها صار ملكا أو ليزيد حياته. وقيل: إنّه لم يطمعهما في أن تصير صورتهما كصورة الملك، وإنّما أطمعهما في أن تصير منزلتهما منزلة الملك في العلوّ والرّفعة.
قوله تعالى:{وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ}(٢١)؛أي حلف لهما إنّي لكما لمن النّاصحين فيما أقول. وإنّما قال: {(وَقاسَمَهُما)} على لفظ المفاعلة؛ لأنه قابلهما بالحلف، وهذا كما يقال: عاقبت اللّصّ؛ وناولت الرّجل.
قال قتادة:(حلف لهما حتّى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله تعالى، وقال لهما: إنّي خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتّبعاني أرشدكما).وكان بعض العلماء يقول:(من خادعنا بالله خدعنا). وقال صلّى الله عليه وسلّم:[المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم].