للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (١٨)؛ واللاّم في قوله: (لمن) لام القسم دخلت على لفظ الشّرط والجزاء بمعنى التأكيد والمبالغة؛ كأنه قال تعالى: من تبعك لأبالغنّ في تعذيبه عذابا شديدا، كذلك قوله تعالى: {(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)} أي منك ومن ذرّيّتك ومن كفّار ذرّيّة آدم عليه السّلام.

قوله تعالى: {وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ؛} أي اسكن أنت وزوجتك الجنّة؛ لأن الإضافة إليه دليل على ذلك، وحذف التاء أحسن؛ لما فيه من الإيجاز من غير إخلال بالمعنى. وأمّا الجنّة التي أسكنهما الله فيها؛ فهي جنّة الخلد في أكثر أقوال أهل العلم، بخلاف ما يقوله بعضهم: إنّها كانت بستانا في السّماء غير جنّة الخلد. وذلك أنّ الله تعالى عرّف الجنّة بالألف واللام على جهة التّشريف.

قوله تعالى: {فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما؛} أي من أيّ شيء شئتما موسعا عليكما، {وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ} (١٩)؛يجوز أن يكون منصوبا؛ لأنّه جواب النّهي، ويجوز أن يكون مجزوما عطفا على النّهي، ومعناه:

فتكونا من الضّارّين أنفسكما.

قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ؛} أي زيّن لهم الشيطان الأكل من الشجرة؛ ليظهر لهما ما ستر من عوراتهما. والوسوسة: إلقاء المعنى إلى النّفس بصوت خفيّ. والفرق بين وسوس له ووسوس إليه: أنّ معنى وسوس له:

أوهمه، ومعنى وسوس إليه: ألقى إليه.

وإنّما سميت العورة سوأة؛ لأنه يسوء الإنسان انكشافها. قوله تعالى: {(إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ)} قرأ بعضهم: «(ملكين)» بكسر اللاّم، ومعناه: إلاّ أن تكونا ملكين تعلمان الخير والشرّ، وإن لم تكونا ملكين تكونا من الخالدين لا تموتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>