قوله تعالى: {(وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)} أي ذكر وأنثى زوجين اثنين. والضّأن: ذوات الإلية، وهو جمع ضائن، كما يقال: تاجر وتجر، وقيل: واحده ضائنة. والمعز: ذوات الأذناب القصار، وفيه قراءتان: تسكين العين؛ وفتحها.
قوله:{قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ} أي قل لهم يا محمّد: من أين جاء هذا التحريم الذي تذكرونه أيّها الكفار في الولد السّابع في الغنم أنه حرام على النساء؛ حرّم الله الذكر من الضأن؛ والذكر من المعز؛ فحرّم ولدهما لحرمة الإناث؟
فإن جاء هذا التحريم من قبل ذكورهما؛ فيجب أن تكون كلّ أنثى حرام عليكم، وإن كان من قبل اشتمال أرحام الأنثيين؛ فيجب أن يكون كلّ أولادهما من الذكر والأنثى حراما عليكم؛ لأنّ الأرحام تشتمل عليهما جميعا.
قوله تعالى:{نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}(١٤٣)؛أي قل للكافرين خبروني وفسّروا لي ما حرّم عليكم ببيان حجّة إن كنتم صادقين في مقالتكم: إنّ الله حرّم الوصيلة ونحوها. وإنّما قال: {(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)} لأن الصّدق لا يمكن إلا بعلم.
وقوله تعالى:{وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ؛} أي وأنشأ من الإبل اثنين؛ ذكر وأنثى من جملة الثمانية الأزواج، {وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ؛} ذكر وأنثى، {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ؛} أي قل لهم يا محمّد: إنّكم تحرّمون الولد من الجاموس والإبل والبقر على النّساء، فمن أين جاء هذا التحريم؛ من قبل الذكور؛ {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ؛} أي من قبل الإناث؟ {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ؛} أي من الذي اشتملت عليه أرحام الأنثيين، {أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللهُ بِهذا؛} أي أم شاهدتم الله تعالى حرّم هذه الأشياء التي تحرّمونها وأمركم بتحريمها.
يعني إذا كنتم لا تقرّون بنبيّ من الأنبياء؛ فمن أين علمتم تحريم الله؛ أبالقياس؟ لأنّ الله تعالى أمر نبيّه عليه الصّلاة والسّلام أن يناظرهم، ويبيّن بالحجّة فساد قولهم وبطلان اعتقادهم، فلمّا نزلت هذه الآية قرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي الأحوص