للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله ذلك وأنزل قوله تعالى: {(وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)}. أي لا تجاوزوا الحدّ فتحتاجوا إلى ما عند الناس.

وقال الأزهريّ: (الإسراف: هو الإنفاق في معصية الله تعالى).وقال مجاهد:

(لو كان أبو قبيس ذهبا فأنفقته في طاعة الله لم تكن سرفا، ولو أنفقت درهما أو دونه في معصية الله تعالى لكنت مسرفا) (١).

قوله تعالى: {(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)؛} ظاهر المعنى، فقيل: معنى {(لا تُسْرِفُوا)} لا تنقصوا عن العشر أو نصف العشر؛ فتمنعوا الصدقة وتأكلوا حقّ المساكين.

قوله عزّ وجلّ: {وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً؛} الحمولة: كبار الإبل الّتي يمكن الحمل عليها، والفرش: صغارها الّتي لا يمكن الحمل عليها، سميت فرشا لاستوائها في الصّغر والانحطاط كما سوّي ما يفرش. وقيل: سميت فرشا؛ لقربها من الإبل، وتسمى أيضا الغنم: فرشا.

والمعنى: مما نشاء من الأنعام حمولة وفرشا. ويقال: أراد بالفرش ما يفرش من الثّياب والبسط التي تعمل من الوبر. إلا أنّ القول الأوّل أقرب؛ لأنّ الله تعالى ذكر في الآية بعدها: {(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ)؛} أي أنشأ الله في الحمولة والفرش ثمانية أزواج.

قوله تعالى: {كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ؛} إذن في الأكل من الحرث والأنعام، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ؛} في تحريم الحرث والأنعام؛ أي ولا تتّبعوا طرق الشيطان، فإنه لا يدعوكم إلاّ إلى المعصية، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (١٤٢)؛أي ظاهر العداوة؛ وقد بانت عداوته لأبيكم آدم عليه السّلام.

قوله تعالى: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ؛} معناه:

وأنشأ لكم {(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ)} أي أصناف، {(مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ)} ذكر وأنثى، يعني بالذكر زوجا وبالأنثى زوجا، يقال لكلّ من له قرين: زوج، كما قال تعالى: {اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (٢).


(١) الجامع لأحكام القرآن: ج ٧ ص ١١٠.
(٢) الأعراف ١٩/.

<<  <  ج: ص:  >  >>