للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الميتة والذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها عمدا، والتي يذبحونها لآلهتهم بلا علم عندهم ولا بصيرة، يتّبعون الهوى والشّهوات في ذلك.

قوله تعالى: {لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛} قرأ الحسن وأهل الكوفة بضمّ الياء لقوله: {يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} (١).وقرأ الباقون بفتحها لقوله: {هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ}. فمعنى من قرأ بضمّ الياء: أنّهم يصرفون الناس عن الهدى بالدّعاء إلى أكل الميتة على وجه الجدال والخداع، وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} (١١٩)؛أي أعلم بعقوبة المتجاوزين من الحلال إلى الحرام.

قوله تعالى: {وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ؛} أي لا تقربوا ما حرّم الله عليكم جهرا ولا سرّا، ويقال: أراد بظاهر الإثم: الزّنا الظاهر، وبباطنه: الزّنا السّر.

فالعرب كانوا يرون الزّنا ظاهرا معصية، ولا يرونه في الخفية معصية. وقوله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ} (١٢٠)؛أي إنّ الذين يعملون المعصية ظاهرا وباطنا سيعاقبون في الآخرة بما كانوا يكسبون في الدّنيا من المعاصي والفواحش.

قوله عزّ وجلّ: {وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ؛} يعني الذبائح.

روي عن عبد الله بن عمر: (أنّه أتى حرّا ذبح شاة نسي أن يذكر اسم الله عليها، فأمر ابن عمر غلامه أن يقوم عنده، فإذا جاء إنسان يشتري منه قال: إنّ ابن عمر يقول: إنّه لم يذكر عليها اسم الله، فلا تشتري).

وقال ابن سيرين: (إذا ترك التّسمية ناسيا؛ لم تؤكل) (٢).إلاّ أن أكثر أهل العلم على أن نسيانها لا يوجب التحريم. هكذا روي عن عليّ وابن عبّاس ومجاهد وعطاء وابن المسيّب؛ قالوا: (إن ترك التّسمية ناسيا لا بأس بأكلها؛ لأنّ خطاب الآية يتناول العامد، إذ النّاسي في حال نسيانه لا يكون مكلّفا).


(١) الأنعام ١١٦/.
(٢) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٣٥٠؛قال السيوطي: ((أخرجه عبد بن حميد)).

<<  <  ج: ص:  >  >>