سلاحية شراب، ونقلاً وشيئاً من الدجاج ثم شرب وغنى شيئاً لم أسمعه من غيره، وقضيت مرادي منه مراراً إلى أن مضى وقت من الليل، وقد هام عقلي من الشراب ومن حسنه ومن تسليم نفسه إلي بغير تقديم عوض، ثم قال: يا سيدي أريد الانصراف.
فقلت له: يا سيدي متى خرجت أنت خرجت روحي من جسدي وكل شيء أملكه بين يديك وأنا أصير عبدك بعد هذا اليوم ولا أفارقك.
قال: أصحيح ما تقول؟ قلت: نعم.
قال: ما أنا محتاج إلى مالك، وإن كنت صادقاً فيما ادعيت من محبتك لي قم واحلق لحيتك وشاربك واقعد مثلي أمرد.
قال: فحكم علي السكر والعشق فما قدرت أن أخالفه فأجبته إلى ذلك علي أن يبيت عندي، فعمد إلى موسى وبل لحيتي وفي الحال أنزلها وبقيت مثله أمرد، ثم صار يضحك علي وقال: يا أبا نواس كيف الشعر الذي ذكرت فيه آدم وإبليس؟ فأنشدته قائلاً:
عجبت من إبليس في كبره ... وخبث ما أضمر في نيته
تاه على آدم في سجدة ... وصار قواداً لذريته
ثم ضحك ضحكاً عالياً وصك على ساحل قفاي صكاً مزعجاً، فاغتظت منه ثم قلت له: ويلك أتفعل بي هكذا. ثم أردت التطلع إليه، فما وجدت أحداً يجيبني فقلت: إنه الملعون إبليس، انتهى.
[إبليس والشعراء]
قال بعضهم:
قد جاءني ليلاً بو مرة ... إبليس يدعوني بلا ترجمان
وقال لي: هل لك في أمرد ... يهز من أعطافه غصن بان
قلت: نعم قال: وفي خمرة ... حبابها يحكى عقود الجمان
قلت: نعم قال: فنم آمناً ... أنت رئيس الفسق هذا الزمان