فتناولت الكتاب وخرجت فأصبحت غدوة إلى باب محمد بن سليمان فوجدت مجلساً محتفلاً بالملوك ورأيت غلاماً زان المجلس وفاق على من فيه جمالاً وبهجة، قد رفعه الأمير فوقه، فسألت عنه فإذا هو ضمرة بن المغيرة، فقلت في نفسي: يا لحقيقة حل بالمسكينة ما حل بها. ثم قمت وقصدت المربد ووقفت على باب داره، فإذا هو قد ورد في موكب فوثبت الهي وبالغت في الدعاء له وناولته الرقعة، فلما قرأها وفهم معناها قال لي: يا شيخ! قد استبدلنا بها، فهل لك أن تنظر إلى البديل؟ قلت: نعم.
فصاح في الدار أخرجوا الربداء، فإذا أنا بجارية خابوطية الكمين، ناهدة الثديين تمشي مشية مستوحل من غير وحل، فناولها الرقعة، وقال: أجيبي عنها، فلما قرأتها اصفرت وعرفت وقالت: يا شيخ أستغفر الله مما جئت به.
فخرجت يا أمير المؤمنين وأنا أجر رجلي حتى أتيتها واستأذنت عليها فقالت: ما وراءك؟ فقلت: البؤس واليأس.
فقالت: ما عليك منه، فأين الله والقدر؟ ثم أمرت لي بخمسمائة دينار ثم جزت بعد أيام ببابها فوجدت غلماناً وفرساناً فدخلت فإذا أصحاب ضمرة يسألونها الرجوع إليه؟ فقالت: لا والله لا نظرت له وجهاً، فسجدت لله يا أمير المؤمنين، شماتةً بضمرة ونفرته من الجارية، فأوردت علي منه رقعة فإذا فيها، بعد التسمية، سيدتي، لولا إبقائي عليك، أدام الله حياتك، لوصفت شطراً من غدرك شطر غبني عليك، وسلكت ظلامتي فيك، إذ كنت الجانية، على نفسك ونفسي والمظهرة لسوء العهد وقلة الوفاء والمؤثرة علينا غيرنا، فخالفت هواي، والله المستعان، على ما كان من سوء اختيارك والسلام.
وأوقفتني على ما حمله إليها من الهدايا والتحف العظيمة فإذا هو بمقدار ثلاثين ألف دينار ثم رأيتها بعد ذلك، وقد تزوج بها ضمرة.