للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذات صباح اجتزت باب المدرسة حاملاً بيدي ريشة ومحبرة؛ إنه يوم الامتحان. تعرفت هناك على (الشاوش) وهو رجل يقوم بوظيفة الحاجب والبواب وموزع المنح وكان يقيم في المدرسة مع عائلته.

وتعرفت أيضاً على زملائي المتقدمين للامتحان، وكان بينهم ولدا قاضي البرج سي (مصطفاوي)، ولا أزال أذكر صورته إذ كان يرتدي البرنص والعمامة. وانتهيت أخيراً بالتعرف على المدير (دورنون Dournon) وكان يتولى توزيع الأسئلة ومراقبة الامتحانات.

في المساء في باحة المدرسة المبلطة بالموزاييك والمجهزة ببركة ماء، كان المدير يقف ليعلن النتيجة بصوته، الذي لاحظت فيه لُكْنَةً خاصة في اللفظ وكنت من الفائرين الأوائل.

وعندما علمنا بقبولنا في المدرسة أنا وزميلي (صالح حليمية) تشابكت أيدينا من الابتهاج، في ذلك المساء عند العتبة التي اجتزتها صباحاً، والتي أصبح لي الآن بعد نجاحي الحق بالوقوف أمامها، تحلق حولنا بعض من هم أقدم منا في المدرسة يوجهوننا ويعرفوننا بها. في هذه اللحظة كان تفكيري يتجه إلى مكان آخر ... كنت أريد العودة إلى تِبِسَّة إلى أولئك الرفاف القدامى أحمل لقبي الجديد. فلم أعد تلميذاً، لقد أصبحت طالباً في المدرسة. فالألفاظ أيضاً لها تأثير على الاتجاه.

اشتريت بعض الملابس لتكون عودتي إلى تبسة بما يليق من احتفال. وأخيراً أخذت الأوتوبيس الذي قادني لتسعة أشهر خلت إلى قسنطينة، وسارت العربة متثاقلة طيلة النهار، وأخيراً عند المساء بدأت تننزل منحدرات حلوفة، ولاح لي عند أحد المنعطفات قمة قرص السكر ( Le Pain de sucre) التي تمتد حتى الأفق. وكان سكان تبسة يطلقون عليها اسم قمة (سيدي عبد الله). إنها قمة تبسة وهي

<<  <   >  >>