للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المحكمة الذي نطق بحكم الإعدام ((إنكم تحكمون على المقعد الذي أجلس عليه، أما أنا فإنكم لا تستطيعون أن تحكموا علي)).

وهناك شيء أكيد هو أن بوشلوح الذي كان موقوفاً- كما أوقف بعد ذلك بأربعين سنة (بن بولعيد) - قد حاول الهرب، ولكنهم للأسف لم يلبثوا أن قبضوا عليه على سطح السجن، ولعل ذلك قد عجل بإعدامه قبل موعده.

في ذلك اليوم فإن كلا من العرب واليهود والفرنسيين أطلق الزفرات وكان لكلٍ أسبابه.

في أثناء ذلك كانت أمي قد حضرت إلى قسنطينة لاستشارة أحد الأطباء. فقد اضطرها مرض أقضّ مضجع العائلة أن تراجع أحد الاختصاصيين. لست أدري ما الذي قاله لها، إنما أذكر تلك اللحظات الأخيرة التي قضيتها معها وأنا أرافقها إلى السيارة التي ستعود بها إلى تِبِسَّة. وقد كان في المودعين مربيتي بهيجة، وعلى بعد خطوات من المحطة تلفتت أمي إلى مربيتي وقالت لها:

((عزيزتي بهيجة إني أترك الصديق في عهدتنا)).

وبشيء من الاحتجاج أجابتها مربيتي:

((آزهيرة عزيزتي وهل أنت بحاجة لمثل هذه الوصية؟)).

والآن أدرك أن هاتين السيدتين الفاضلتين ملأتا نفسي حباً ووداعة.

لقد أوشكت السنة الدراسية على النهاية. وأصبحنا في خضم الفصل الدراسي الثالث وعلى أبواب الامتحانات السنوية.

كنت أخشى الحالات الشاذة في القواعد العربية وخصوصاً الحالات التي لا تستند إلى قاعدة، ولذلك وجدت في زملائي الذين كانوا أكثر انتظاماً مني، معيناً على الإجابة في بعض المشاكل اللغوية التي كانت تقلقني.

<<  <   >  >>