حتى عاد لزيارة الشافعي بمدّة تزيد على ثلاثين درجة بعد العشاء، فجلس تجاه سيدي يحيى الشبيه، وقال لي يا ولدي لا أذهب من هذا المكان إلا بحرامي، فذهبت إلى الحنفية فوجدت الحرام فوق الحنفية ورجل واقف على قبقاب يحرسه، فأخذته والوالد واقف تجاه الأستاذ سيدي يحيى الشبيه نفعنا الله ببركاته.
وحكي عن الجدّ الشيخ محمد أنه كان مؤذنا بالشافعي وكان متزوجا بثلاث زوجات: واحدة في الشافعي وواحدة في طولون، وواحدة في زاوية البقلي في المنوفية، وكان يقرأ في كل يوم ختمة كاملة وهو يشتغل في الحياكة، ويقرئ أولاد صنجق في القاعة، ولم يذهب إلى بيت الصنجق ولا مرّة.
وحكي عن الجدّ الأعلى، أي: الشيخ عبد الكريم أنه حج سنة مع شيخه وأستاذه سيدي أحمد بن عثمان الشرنوبي صاحب الكرامات الظاهرة من جملة الفقراء فتاه الجدّ عن طريق الحج ثلاث ليال لم يدر أين يتوجه، فسار في الجبال ثم وجد جملا صغيرا عريانا باركا. فركبه فقام بسرعة كالطير إلى أن جاء لمقدم الحج وبرك، فضربه ضربا شديدا ليقوم فلم يتحرّك فتركه، فلما قدم على الأستاذ قال لتلامذته: سلموا على أخيكم الشيخ عبد الكريم الذي علقته ألف، وأرى جماعته أثر الضرب على أضلاعه، سامح الله الجميع، وغفر لهم من فيض جوده العميم، وأسكن الله الجميع بحبوحة جنات النعيم، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.
وإنما ذكرت هؤلاء الثلاثة تحدّثا بنعمة الله مولى الموالي، واقتداء بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم».
والحمد لله وحده وصلّى الله على سيدنا محمد النبيّ الأميّ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين.