وتظهر لك نجاعة هذا المنهج في تفسير الرواية بالرواية في كتاب الحج, وكيف رتبه المهلب وفسر ألفاظه من ألفاظه، وأزعم أن ترتيبه لكتاب المناسك شرح للكتاب على حياله، فمن ارتاب فيما أقول فلينظر فيه أولًا.
وقد صرح هو فيه بمنهجه في تفسير الأحاديث وأنه يرتب الألفاظ على مواطنها وأوقاتها، ويجمع الروايات, ويركب الألفاظ على المواطن.
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
إن هذا الحديث من الإشكال بحيث قد اعتمد (!) على حفاظ النقل وأئمة الفقه مساق نصه وتأويله، حتى تكلف كثير من العلماء المتقدمين تأليف الكتب والدواوين في اختلاف نصوصه واضطراب ألفاظه، رغبة منهم رحمهم الله في تلخيص سبيله والتسيب إلى تأويله.
فمنهم من وقف اضطراب ألفاظه على أمنا عائشة رضي الله عنها، ومنهم من جعل ذلك من قبل ضبط الرواة عنها على قدر تقدم المتقدم منهم في الحفظ والضبط وتأخره، وهذا الوجه كان آدب وأقرب، لولا أن الله بفضله قد فتح لنا في تصحيح معناه على نصه بترتيبه على مواطنه وأوقات إخبارها عنه صلى الله عليه وسلم من جمع الروايات فيه, وتركيبها على لفظه في المواطن التي ابتدأ الإحرام فيها, ثم أعقب حين دنا من مكة بما أمر به من لم يسق الهدي, إذ أوحى الله عز وجل إليه بتجويز الاعتمار في أشهر الحج, فسحة منه تعالى لهذه الأمة، ورمة لهم بإسقاط أحد السفرين عنهم, ومنع عز وجل في كتابه من إحلال الهدي بقوله عز وجل {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ} فأمر عليه السلام من لم