لما كان من منهج المهلب في هذا النصيح أن يجمع الروايات والأسانيد في مكان واحد، فإنَّ ذلك قد أفاد القارئ فائدتين عظيمتين لا يمكن الكشف عنهما إلا بهذا الحشد والجمع، وهما:
معرفة علل الأسانيد، ومعرفة شرح الحديث ومعناه على الوجه الصحيح.
أما معرفة العلل:
فإن هذه المعرفة غير معرفة الصحيح من الضعيف، حتى لا يظن ظان أن هذا النوع غير موجود في صحيح البخاري، لاقتصار البخاري في كتابه على الصحيح، فإن العلة إنما تدخل على الحديث الصحيح.
قال أَبُوعبد الله الحاكم رحمه الله: وانما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل, فإن حديث المجروح ساقط واه, وعِلَّة الحديث يكثر في أحاديث الثقات, أن يحدثوا بحديث له علَّة, فيخفى عليهم علمه, فيصير الحديث معلولا, الحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير أهـ.
وقد أجمل الحاكم أوجه العلل في أحاديث الثقات فقال: فان المعلول ما يوقف على عِلَّتِه أنه دخل حديث في حديث, أو وهم فيه راو, أو أرسله واحد فوصله واهم اهـ وزاد غيره أوجهًا أخرى.
إلا أنه لا يمكن الكشف عن علة حديث ما إلا بجمع طرقه ومقارنة أسانيده وألفاظ رواته بعضها ببعض.
قال يحي بن معين: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه (١).