للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرطه، ومن حيث طلب شرطه. يلزم/ أن شرطه لم يوجد، وذلك تناقض لا محالة.

لكن لا يستبعد مثل هذا ممن يقول: إن الله هو المسيح، وأنه في السماء/ حالة كونه في الأرض.

وأما ثانيا: فقوله:" شرط المعجز أن يكون من غير جنس الأفعال المعتادة" فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنا نقول: من شرط هذا الشرط؟ ومن سلمه لك؟ أنت شرطته وبحثته مع نفسك تقريرا لعنادك وهواك، وفساد دعواك. ونحن قد بينا آنفا وفي مقدمة الكتاب، حيث ذكرت أن الذي اتفق عليه/ المحققون في المعجز: أنه الأمر الممكن الخارق للعادة المقرون بالتحدي، الخالي عن المعارض. وبينا ما فيه من القيود والاحترازات وبينا أنه موجود في القرآن.

الثاني: أن الإعجاز بالمعتاد أبلغ من الإعجاز بغير المعتاد بالضرورة لأنه إذا عجز عما هو من عادته، وهو متدرب فيه عارف بأصوله وقواعده، فهو عمالا أنسة له به أعجز «١»، وذلك كما إذا قيل للنجار: اعمل مثل هذا الباب. فلم يقدر.


(١) يقول القاضي عياض- رحمه الله- عن وجوه إعجاز القرآن:" فأولها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب، وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن وفرسان الكلام قد خصوا من البلاغة والحكم ما لم يخص به غيرهم من الأمم، وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان ومن فصل الخطاب ما يقيد الألباب، جعل الله لهم ذلك طبعا وخلقة وفيهم غريزة وقوة يأتون منه على البديهة بالعجب ويدلون به إلى كل سبب ... " ثم بين أنهم كانوا على مقدرة بلاغية وفصاحة بيانية لم يصل إليها أحد فقال:" منهم البدوي ذو اللفظ الجزل والقول الفصل، والكلام الفخم والطبع الجوهري والمنزع القوي. ومنهم الحضري ذو البلاغة-

<<  <  ج: ص:  >  >>