للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: والله ما هو بسحر، ولا شعر، ولا كهانة، ولقد سمعنا ذلك كله وما هو بشيء منه، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر، ثم قال له الكفار: فما ترى أن تقول فيه؟ قال: قولوا: إنه ساحر.

فأنزل الله- سبحانه- «١»: ذَرْنِي ومَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) إلى قوله: إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) «٢».

قال:" وإن بقي التباس في هذا على مسكين ناقص الفطرة. قلنا له: تعال نفرض أن القرآن فصيح. لا تكرار فيه ولا تناقض، وأنه جار على نظام واحد في معانيه، ونجعل ذلك إعجازا له، أليس من شرط المعجز أن يكون من غير جنس الأفعال المعتادة؟ إذ هو كلام لا يفضل جميع الكلام، وإنما يختلف بالأقل والأكثر، وتقع فيه المماثلة والمفاضلة فهو جنس واحد، وبحسب التفاضل بينه وبين كلام سائر الخطباء والبلغاء من العرب والمجيدين تتوزع النبوة على كل فصيح بليغ بمرتبة من الفصاحة فينال من النبوة ما تستوجبه فصاحته.

قلت: الجواب عن هذا:

أما أولا: فإنه ناقض في كلامه. لأنه طلب شرط الإعجاز على تقدير ثبوت الإعجاز، والمشروط لا يثبت إلا بعد تكامل شروطه. فمن هذه الحيثية يلزم وجود


(١) أخرج القصة ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٩/ ١٥٦) والقرطبي في تفسيره (١٩/ ٤٧، ١٠/ ١٦٥)، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٤٢، والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ١٩٨ - ٢٠٠) من طريقين، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٦) وقال:" هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه" اهـ.
(٢) سورة المدثر: ١١ - ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>