للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كثير من التصحيف والتحريف لكونه لم يزاحم الفضلاء في دروسهم بل استبد بأخذه من بطون الدفاتر والكتب «١»، كما أنه سريع الكتابة معروف لدى السخاوي بالهوس ومزيد الترفع حتى على أمه، كذلك ترفعه على شيوخه ومن أسدى إليه المعروف «٢»، كما هوجم أقسى الهجوم في دعواه بلوغ درجة الاجتهاد المطلق.

وإذا كان السخاوي قد وجه إليه هذه التهم القاسية وأشباهها فإن أنصار السخاوي لم يفتئوا أيضا يهاجمونه ويكيدون له، فقد كاد له ابن الكركي عند السلطان إبان حادثة الطيلسان التي أشرنا آنفا إليها «٣».

وإن يكن السيوطي قد عانى في حياته من كيد خصومه الكثيرين له وهجومهم عليه، وانتقادهم له فإنه- في حقيقة الأمر- كان أقوى منهم عريكة، وأشد بأسا، ولقد كانت قسوة الهجوم عليه كما يتضح في بعض مواضع ترجمة السخاوي له محاولة للرد على انتقاداته القاسية لخصومه وهجومه عليهم وانتقاصه لهم.

ولئن كان قلم السيوطي سيالا كثير الانتاج فلقد وجهه إلى التعبير عن كل شيء يريده ومن هنا فلقد خصص جملة من رسائله لمهاجمة خصومه، كما أن رسائله الأخرى التي لم يخصصها لهذه المعارك لم تخل من تنقصهم ومهاجمتهم في أحيان كثيرة، وكما ترجم السخاوي للسيوطي فإن الأخير لم ينس أن يترجم له، بيد أن هذه الترجمة كانت موجزة، ويبدو أن السيوطي لم يفصل الهجوم في ترجمته اعتمادا على كتاباته الكثيرة التي فوّق سهامها إلى أعدائه. وقد ذكر السيوطي عن السخاوي أنه لا يحسن من غير الفن الحديثي شيئا أصلا، وأنه قد أكب على التاريخ- وهو يقصد بالتاريخ تراجم الرجال- «فأفنى فيه عمره، وأغرق فيه عمله، وسلق فيه أعراض الناس، وملأه بمساوئ الخلق وكل ما رموا به ان صدقا وإن كذبا، وزعم أنه قام في ذلك بواجب، وهو الجرح والتعديل، وهذا


(١) نفس المصدر ج ٤ ص ٦٨.
(٢) نفس المصدر ج ٤ ص ٦٩، ٧٠.
(٣) الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى ورقة ١٨ - ٢٠، ص ٣٦ - ٤٠.

<<  <   >  >>