للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هاجم فيها المنطق الأرسطي، ومن أوائل مؤلفاته بصفة عامة، وقد تعرض بسببه لحملة من بعض العلماء كما أشار السخاوي «١»، وعلى أية حال فقد تمسك السيوطي بأقواله وأبداها في كل موضع، وجهر برأيه، ولم يأبه بخصومه «٢». ثم إن الرجل بعد أن استحصدت قوته وارتفعت درجته، وكثرت وظائفه تألب عليه بعض منافسيه وأقرانه من العلماء وطعنوا في مواهبه وعلمه ومؤلفاته، وتحاملوا عليه، ورموه بما ليس فيه، وبالغوا في تصوير عيوبه، وعين السخط تبدي من المساوي ما لا تبديه عين الرضا، والمعاصرة كما يقول أهل الجرح والتعديل حجاب، فينبغي أن تؤخذ أقوال المتعاصرين بعضهم في بعض بحذر شديد.

وقد انقسم عصر السيوطي إلى معسكرين: أحدهما يقوده السخاوي (٩٠٣ هـ)، ومن أنصاره برهان الدين بن الكركي (٩٢٢ هـ)، الذي كان إماما للسلطان، والشمس الجوجري والقسطلاني، وشمس الدين الباني وتلاميذ هؤلاء الكثيرون وأتباعهم. والمعسكر الآخر يقوده السيوطي ومن أنصاره الفخر الديمي، والشيخ أمين الدين الأقصرائي، وزين الدين قاسم الحنفي، وسراج الدين العبادي، وغيرهم وتلاميذهم الكثيرون.

ولبثت الخصومة بين الفريقين زمنا طويلا، بل إن هذه الخصومة قد استنفدت أعمار هؤلاء جميعا، والذي نلاحظه في كتابات الفريقين المتنوعة والمختلفة تأثرها بهذه الخصومة، فلا نلبث أن نجد بين حين وآخر عبارة أو عبارات يقصد بها الخصوم ردا عليهم أو قدحا فيهم.

وقد ألف السيوطي في الانتصار لنفسه ومهاجمة خصومه مجموعة من الرسائل فضلا عن هجومه في كثير من كتاباته الأخرى، وأهم ما ألفه «الكاوي في الرد على السخاوي»، و «الجواب الذكي عن قمامة ابن الكركي» و «الصارم الهندكي في عنق ابن الكركي»، وله في الرد على الجوجري «الحبل الوثيق في نصرة الصديق»، وقد هاجمهم أيضا في رسالته «التنفيس في الاعتذار عن الفتيا


(١) الضوء اللامع ج ٤ ص ٦٦.
(٢) القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق: رسالة ضمن كتاب الحاوي للفتاوي ج ١ ص ٣٩٣ - ٣٩٧، والرسالة مخطوطة ضمن مخطوط بدار الكتب برقم ٢١٦٠٦ ب.

<<  <   >  >>