للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتخذها صاحبها لايواء المفسدين من الزناة وغيرهم، وصارت مقصدا لأهل اللهو والعبث، فأفتى السيوطي بهدمها وكتب في ذلك رسالته «هدم الجاني على الباني» «١».

وكانت كتابات السيوطي في حياته موضع اهتمام عامة الناس وخاصتهم، وكانت فتاواه تحظى بهذا التقدير، وكان السلاطين يقدرونه تقديرا بالغا ويعرفون له منزلته، ويتّبعون ما يفتى به أو يشير إليه، ففي عام ٨٩٦ هـ، ذاع بين الناس فتوى السيوطي بعدم جواز البناء على ساحل الروضة لأن الاجماع منعقد على منع البناء في شطوط الأنهار الجارية «٢» وقد كتب في ذلك رسالة سماها «الجهر بمنع البروز على شاطئ النهر» «٣»، وقد أذعن لهذه الفتوى القضاة في عصره بعد أن أرسلها إليهم، وقد نظم السيوطي هذه الرسالة في منظومه سماها «النهر لمن برز على شاطئ النهر» «٤»، وقد أرسل السيوطي بفتواه إلى السلطان «فأحاط بذلك علما وتوعد أهل البروزات منعا وهدما» «٥».

وكانت صلة السيوطي طيبة بالسلطان قايتباي الذي عاصره أطول فترة في حياته، وكانت العادة في التهاني أن يصعد إلى السلطان قضاة القضاة وأعيان الدولة لتهنئته بالأعياد أو بأول كل شهر هجري وكان السيوطي ممن يصعد مع القضاة، وكان يفتقد من قبل السلطان إذا تخلف عن الصعود، وفي إحدى المرات وجه السلطان مسألة للسيوطي عن سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها، وسكت الجلال السيوطي ولم يجب وأجاب بعد ذلك في رسالة وكان السلطان عنده كتاب يسمى «حيرة الفقهاء» وكان الجواب عن ذلك هو: الأذان، ويبدو أن سكوت السيوطي مرجعه أن الأصح أن الرسول لم يؤذن إلا عند من يقول بصحة الخبر بأنه أذن في وقت ما، وقد

أضاف السيوطي إلى ذلك ذكر بعض


(١) الحاوي للفتاوي ج ٢ ص ١٧٧.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٧١.
(٣) الجهر بمنع البروز على شاطئ النهر: رسالة له ضمن كتاب الحاوي ج ١ ص ٢٠٨.
(٤) المصدر السابق ج ١ ص ٢٢٦.
(٥) نفس المصدر ج ١ ص ٢٢٦.

<<  <   >  >>