للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختصاص والخبرة في ذلك العلم؛ لتوصيف الواقعة، وبيان حقيقتها، والملابسات المحيطة بها.

قال ابن السعدي: " فالطريق إلى الحُكْم العِلْمُ التامُّ بالواقع ليتمكن من الحُكْم عليه، وعند الاشتباه في الجزئيات يُرْجَع فيه إلى أهل الخبرة فيه" (١).

والرجوع إلى أهل الاختصاص والخبرة في تصوير الوقائع يحصل بالرجوع إليهم مباشرةً، وذلك بسؤالهم والإفادة منهم، أو الرجوع إلى دراساتهم الموثوقة حول تلك الواقعة، أو الرجوع إلى الموسوعات المتخصِّصة في العلم الذي له تعلُّقٌ بتلك الواقعة ومصطلحاتها، ولاسيما الموسوعات الصادرة عن الهيئات العلمية ومراكز الأبحاث المتخصِّصة.

وقد اعتبر مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة عشر أن من شروط الإفتاء: " الرجوع إلى أهل الخبرة في التخصُّصات المختلفة لتصوُّر المسألة المسؤول عنها، كالمسائل الطبية والاقتصادية ونحوها " (٢).

وإذا تقرر أن التصور التام للواقعة من مستلزمات تحقيق المناط، فإنه إذا لم يحصل للمجتهد تصورٌ تامُّ لواقعةٍ ما لزمه شرعاً أن يتوقف عن إصدار الحُكْم فيها، ولاسيما في الوقائع التي تحيط به ملابساتٌ كثيرةٌ ولم يسبق للمجتهد استكمال النظر فيها؛ لأن الحُكْم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره، وإيقاعُ الأحكام على فروعٍ لم يحصل فيها تصوَّرٌ تامٌّ للمجتهد يُعْتَبر من القول على الله بلا علم.


(١) مجموع الفوائد واقتناص الأوابد: (١١٠).
(٢) قرار رقم ١٥٣ (٢/ ١٧) بشأن الإفتاء شروطه وآدابه.

<<  <   >  >>