اجتماعية. ولكننا إذ ندفع هنا بالتحليل إلى أقصى حدوده، من غير أدنى تغيير في المعادلة:
ـ[إنسان + تراب + وقت = حضارة]ـ
يمكننا، بل يتعين علينا أن نقول: إن الإنسان هو الذي يحدد في النهاية، القيمة الاجتماعية لهذه المعادلة، لأن التراب والوقت لا يقومان- إذا اقتصر عليهما فحسب- بأي تحويل اجتماعي.
ونحن إذا ما تساءلنا إذن: بأي شيء أنهض (الإنسان) الألماني وضعية بلاده أثناء هذا العقد المنصرم من الزمان كانكون ملزمين بالجواب عن سؤالنا هذا بطريقة واحدة لا غير، وهي أن أفكاره، وأفكاره فحسب، هي التي أتاحت له أن يحقق ذلك النهوض.
وهذا أمر حقيقي- وحقيقي بصورة لا مجال للريب فيها- سيما وأن حرب ١٩٣٩ - ١٩٤٥، قد خرَّبت عملياً (عالم الأشياء) في ألمانيا؛ بمصانعه، وآلاته، ومناجمه، وبنوكه، ومختبراته؛ فكل هذه (الأشياء)، كانت قد دمرت وأتلفت.
وإذن فقد كانت ألمانيا- على وجه الدقة وبطريقة تكاد تكون رياضية- لا تملك سنة ١٩٤٥، أي مجموعة من (الأشياء)، ولكن مجموعة من (الأفكار) فحسب. وهي قد كوَّنت من جديد، وابتداء من هذا (الرَّأسمال) المفاهيمي، كل حياتها الاجتماعية، واحتلت مجدَّداً مكانتها السياسية في العالم.
إن تجربتها بالنسبة إلينا لا تقدر بثمن، فهي تتيح لنا أن نستخلص بطريقة علمية، أن قيمة مجتمع معين في فترة ما من تاريخه، لا يعبر عنها بمجموعة (الأشياء) في هذا المجتمع، ولكن بمجموعة (أفكاره).