إن أمام تنفيذ المشروع الذي سلف أن أشرنا إلى خطوطه العامة، بعض المصاعب التي تقوم في مجالين اثنين:
أ - فهي تعزى إلى التطور التاريخي للعالم الإسلامي، أعني إلى منشآته.
ب - كما أنها من ناحية أخرى، ناتجة عن تطوره النفسي، أعني عن أفكاره.
ويكفي فيما يتعلق بالنقطة الأولى أن نذكر بما سلف من أن كثيراً من الأشياء المتفسِّخة في العالم الإسلامي قد تلاشت بالموت. وأن الكثير من الأشياء الضرورية لما يولد بعد. والذي يترتب على هذا أن المنشآت في هذا العالم: إما أن تكون قد أصبحت لاغية، وإما أنها لما تتكيف بعدُ مع أوضاع العالم الإسلامي الراهنة. فمصر هي البلاد الإسلامية الوحيدة فيما أعرف، التي تهتم بإنجاز منشآت جديدة ضرورية لحياتها الداخلية ولاتصالها بالخارج. أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية فإن الأشياء تبدو أكثر تعقيداً، وذات أهمية أكثر جسامة معاً، فنحن إذ قمنا فيما سلف بالمقارنة بين تطور اليابان الحديثة وتطور الشعوب الإسلامية منذ قرن من الزمان، قلنا إن هذه الشعوب قد دخلت (عالم الأشياء)، وأنها لَمّا تدخل بعدُ في (عالم الأفكار) كلية. كما ذكرنا أيضاً- مستعيرين للغة (علم نفس الطفل) - أن هذه المرحلة تمثل الطور (ما قبل الاجتماعي) الذي يكتشف فيه الطفل عالم الأشياء، وإن كان لا يزال على جهل (بعالم الأفكار).
ويمكننا أن (نُسْقِطَ) هذا الاعتبار على المظاهر المختلفة للحياة الإسلامية لنستخلص منها النتيجة المطابقة لها.