فنحن لو أسقطنا ذلك الاعتبار مثلاً على التطور الاقتصادي للعالم الإسلامي، منذ قرن من الزمان، نلاحظ أن هذا التطور باكتماله في اتجاه (الأشياء)، قد أنتج- ويلزم أن ينتج- (إعوازاً) زاد من حاجات هذا العالم، من غير أن يزيد في وسائله. وإذا ما أسقطناه على التطور الفكري، فهمنا السبب في أن هذا التطور عندما يتحول لدى المثقف المسلم إلى شكل من أشكال المادية، يكون قد اتجه نحو الشكل المحدَّد (بالأشياء) لا نحو الشكل المحدَّد (بالأفاكر).
وكذلك الأمر فيما لو أسقطناه على التطور الاجتماعي بصفة عامة، فإننا نفهم أن هذا التطور يتجه صوب ذلك الشكل من أشكال الحضارة الذي أدعوه (بالحضارة الشيئية)! ..
ويمكننا أن نسقط ذلك الاعتبار أيضاً على الاتجاه الجمالي أو السياسي، ويستخلص نتائج بالغة الأهمية .. إلا أننا نريد إسقاطه بطريقة أخص، على التصميم المفاهيمي، أعني على حياة الأفكار ذاتها ومدى فعاليتها في العالم الإسلامي.
فالمؤكد أن الالتقاء لَمّا يَتِمَّ بَعْدُ كلية بالنسبة إلينا بين عالم الأفكار وعالم الأشياء؛ ومن جراء هذا ظلت الفكرة معزولة ومحايدة، وكأنها العَزْلى من سلاحها بفَقْدها لفعَّاليتها.
وإذا ما أراد القارئ تكوين فكرة شخصية في هذا الصدد، فليقم بتجربة صغيرة يُرْضِخُ فيها محيطه لمعيار موائم. فقد كررت أنا نفسي تجربتي في كل الصور بالجزائر منذ ربع قرن. وإنني لأستطيع تأليف كتاب كامل في هذا الموضوع؛ ولكني أفضل أن يقوم القارئ بتجربته الشخصية بنفسه.
حاولوا في أي مناقشة أن توجهوا موضوع النقاش بطريقة منهجية حول