للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسلم لله فيما يريد، ويجري عليك قدر الله في جميع ذلك، سواء أردت أو لم ترد.

الثانية: أحوال هو فيها مختار، وهي ما أعطاه الله فيها إرادة أن يفعل أولا يفعل، يسلم أو لا يسلم.

فهو مختار أن يؤمن أو يكفر .. أو يطيع أو يعصي .. أو يعدل أو يظلم .. أو ينفع أو يضر .. وهو محاسب على اختياره.

فالله عزَّ وجلَّ جعل في حياة بعض مخلوقاته كالإنس والجن مناطق الاختيار، يعطيهم فيه الحرية في أن يختاروا ما شاءوا، ومناطق هم مكرهون فيها، مقهورون عليها، لا اختيار لهم فيها، بل اختارها الله لهم، وتكفل بها، وأنفذها فيهم.

فقد يحدث للإنسان شيء أو يمرض أو يقع له ما يكرهه، ولو كان للإنسان هنا إرادة حرة لمنع حدوثه ما دام يكرهه، ولكنه مقهور لأمر الله فيه، لا يستطيع دفعه.

وما دام يكره شيئاً لا يستطيع دفعه فهو مكره ومجبور أن يسلم لله سبحانه فيما أراد.

ففي مثل هذه الأمور الإنسان مسلم لله كرهاً بلا اختيار.

بينما في أمور الدين الإنسان مسلم لله طوعاً باختياره، فيستطيع أن يصلي ويصوم، ويتصدق ويذكر الله، ويستطيع ألا يفعل ذلك.

وكل ما في السموات والأرض خاضع لله عزَّ وجلَّ مقهور بأمره، مسلم له، عبد له كما قال سبحانه: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣)} [آل عمران: ٨٣].

فكل من في السموات والأرض أسلم لله جلَّ جلاله، والمطلوب من الإنسان أن ينسجم مع الكون كله في التسليم لله سبحانه، ويسلم حركته الاختيارية فيه لله سبحانه، وهي طاعة أمره وشرعه، كما أسلم لله فيما يكرهه ولا يقدر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>