ويعطيه وقاية من الاستغراق في متاع الحياة الدنيا، ومن التكالب على هذا المتاع الذي هو مسؤول عنه وممتحن فيه.
وهي لمسة قوية للقلب البشري، إذ يدرك أنه مستخلف في ملك أُديل من مالكيه الأوائل، وأجلي عنه أهله الذين سبق لهم أن مكنوا فيه، وأنه هو بدوره زائل عن هذا الملك، ومحاسب على ما كسب فيه: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)} [يونس: ١٣،١٤].
وشعور الإنسان بالرقابة التي تحيط به يجعله شديد التوقي، شديد الحذر، شديد الرغبة في الإحسان، شديد الرغبة في النجاة من هذا الامتحان.
إن الحياة في الإسلام حياة متكاملة القواعد والأركان:
عقيدة .. وعبادة .. وأخلاق .. وطريقة حياة.
فالذي خلق البشر سبحانه أعلم بما يصلحهم وما يصلح لهم، وما يسعدهم وينجيهم، وما ينفعهم وما يضرهم فأكرمهم به كما قال سبحانه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
والقرآن يقول لمن يطعمون الحياة الإسلامية والنظام الإسلامي بمنتجات أخرى ونظام آخر من صنع البشر: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)} [البقرة: ٨٥].
إن هذا الإنسان الذي خلقه الله له في حياته حالتان:
الأولى: أحوال هو مقهور مجبور أن يسلم فيها لله كوجوده، ويوم ولادته، ولونه وشكله، وطوله وعرضه، ومرضه وصحته، وحركة قلبه ومعدته وروحه، ونحو ذلك.
وكل ذلك وأمثاله لا تستطيع أن تفعله، بل أنت مكره فيه، ومجبور عليه، أن