للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(له رحمةٌ تُحيي العظامَ وغضبةٌ ... بها فضلةٌ للجُرمِ عنْ صاحبِ الجُرْمِ)

قال أبو الفتح: يقول إذا أغضبه مجترم لأجل جرمٍ جناه، تجاوزت غضبته قدر المجرم، فكانت أعظم منه، فإما احتقره فلم يُجازه، وإمَّا جازاه فتجاوز قدر جرمه فأفناه.

قال الشيخ: ما هما بشيء، ومعناه: له رحمةٌ تحيي العظام لإفراطها، وغضبته تُفني المجرم، فإذا أهلكت صاحب الجرم فضلت فيه فضلةٌ منها لذلك الجرم، فأهلكته، وأفنته مع المجرم، فلا يُقدم على ذلك الجرم بعده أحد، فيفقد الجرم مع المجرم.

وقال في مطلع قصيدة:

(أحقُّ عافٍ بدمعِكَ الهِممُ ... أحدثُ شيءٍ عهداً بها القِدَمُ)

قال أبو الفتح: ليس العافي هاهنا الطالب والقاصد، وسألته عن معنى هذا البيت، فقال: أحقُّ ما صرفت عليه بُكاءك همم الناس، لأنها قد ذهبت ودرست، فصار أحدثُها عهداً قديماً.

قال الشيخ: العافي هاهنا الدَّارس لا غير، والدليل عليه المعنى الذي حكاه المتنبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>