للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ: قوله كأنها قبل ذلك كانت ذات جنون، لِمَ كانت ذات جنون؟ وما الذي حل بها حتى جَنَّت به؟ وهذا شرح يحتاج إلى شرح، ومعناه: إن الرُّوم كانت استولت عليها، فزالت عن أيدي المسلمين، وصارت في أيدي الكافرين، وكان بها مثل الجنون لزوالها عن يد

الحقِّ وانتقالها إلى يد الباطل، فأصبحت في تمائم من جثث القتلى من الرُّوم وعُوذ من جيفها، ثَفتها غواشي الجنون بعدها، ويُعيذُها من أن يلمَّ بها، وهذا كما قيل:

فليتكَ حولي ما تُفارقُ مضجعي ... وفيها شفاءٌ للذي أنا كاتمُ

كأنِّيَ ملحوظٌ منَ الجِنِّ نظرةً ... وهنَّ حواليَّ الرُّقى والتَّمائمُ

والدليل على صحة ما قُلنا أنه يقول فيها:

طريدةُ دهرٍ ساقَها فرددتَها ... على الدِّين بالخَطِّيِّ والدَّهرُ راغِمُ

(تُفيتُ اللَّيالي كلَّ شيءٍ أخذتَه ... وهنَّ لِمَا يأخذْنَ منكَ غَوارِمُ)

قال أبو الفتح: أخذنه بالنون. قال الشيخ: سمعته بالنون والتاء، والتاء أبلغ في المدح وأحسن وأعظم في القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>