للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرى: موضع كثير الأسد، والعرين: مأوى الأسد، والسبائك: قطع تخلص بالإذابة من الذهب والفضة، والعقيان: ذهب يوجد بنفسه دون أن يخلص من تراب المعادن، والقنا: الرماح، وصمها: صلابها، والنقد: تمييز الدراهم والدنانير، وبلاها: بمعنى خبرها، والطراد تجاول الفرسان.

فيقول: فإن لم تكن مصر الشرى، الموضع المعروف بالأسد، وعرينه الذي يأوي أسده إليه، فإن الذين من جند كافور أسد الشرى في بأسهم وشدتهم، ونظيرها في إقدامهم وجرأتهم.

ثم قال: وهم مال كافور الذي ادخره، ووفره من الذهب والعقيان الذي جمعه، ينتقدهم بصم القنا في طرادهم، ويختبرهم بالتصريف لهم في قتالهم، لا بالأصابع التي بها تنتقد الأموال، وتميز الفضة والعقيان.

ثم قال: جربت تلك الأسد حواليه الأعداء في حربه، والأولياء في موادعته وسلمه، وأبان عنها هزل الطراد وجده، وجهد الاختيار وعفوه، فغلبوا من غالبهم، وظهروا على من خالفهم، وخلصت لكافور طاعتهم، وشهرت في أعدائه نكايتهم.

أَبو المِسْكِ لا يَفْنَى بِذَنْبِكَ عَفْوُهُ ... ولكِنَّهُ يَفْنَى بِعُذْرِكَ حِقْدُهُ

فيأَيُّها المَنْصُورُ بالجَدَّ سَعْيُهُ ... ويأَيُّها المَنْصُورُ بالسَّعْيِ جَدُّهُ

تَوَلَّى الصبَّا عَنَّي فَأَخْلَفْتَ طِيْبَهُ ... وما ضَرَّنِي لَمَّا رأَيْتُكَ فَقْدُهُ

لَقَدْ شَبَّ في هذا الزَّمانِ كُهُولُهُ ... لَدَيْكَ وشابَتْ عِنْدَ غَيْركَ مُرْدُهُ

الحقد: إضمار العداوة، والجد: البخت، والكهل من الرجال: الذي خالطه الشيب.

فيقول مخبرا عن كافور: أبو المسك لا يفني ذنوبك بكثرتها عفوه، ولا يضيق بتتابعها فضله، ولكن حلمه يفني حقده عليك بأيسر عذر، ويتغمد إساءتك بأهون سعي.

ثم قال مخاطبا له: فيا أيها الملك الذي قرن الله سعيه بإقبال جده فأنجحه، وقرن

<<  <  ج: ص:  >  >>