علي بأجفان أسد، يشير إلى سيف الدولة، وأنه أوجعه بفراقه، وأحزنه برحيله.
ثم قال مؤكدا لما قدمه: وما ربة القرط من أهل الظاهرة الملح، البارعة الحسن، بأجزع علي مفارقتها لي من سيف الدولة؛ رب الحسام المصمم في قطعه، النافذ في كرامته وفعله.
ثم قال مشيرا إليه: فلو كان ما أشكوه من الأسف، وأظهره من الشوق والشغف، من حبيب مقنع، يحسن العشق بمثله، ولا يستنكر الشغف بشكله، عذرت نفسي في [ما] أظهره، وسقط اللوم عني فيما أذكره، ولكنه من حبيب معمم، خالص مودتي له كالشغف، وأسفي على مفارقتي له أشد الأسف. وأشار بما ذكره إلى سيف الدولة، وما هو عليه من الشكر له، وشدة الإعجاب به.
يقول، وهو يشير إلى سيف الدولة: رماني بما أظهره من العقوق لي، واستجازه من التقصير بي، واتقى أن أرميه بالذم لفعله، وأجزيه على ذلك بمثله، ومن دون ما حذره واتقاه وتوقعه، هوى مني له صادق، وشكر متمكن خالص، يكسر القوس التي بها يكون الرمي، والكف التي يكون بها الفعل، والسهم الذي يطيش ويرسل، ويسير وينفذ. وكنى بالقوس والكف والسهم عن النية والقول والفعل.
ثم قال: إذا ساء فعل المرء فيما يقدمه، وسبق منه المكروه فيما يتقلده، ساءت ظنونه في مقارضته على فعله، ومجازاته على الظلم بمثله، وصدق في ذلك ما يعن له من الأوهام الخاطرة، والظنون السيئة العارضة. وهذا مثل سائر، والمثل من أرفع أبواب البديع.
[ثم قال]: من تقدم بقبيح الفعل، وأكسبه ذلك سوء الظن، عادى من يحبه بقول من