للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبغضه، وتنكر لمن يوده بنمائم من يكرهه، وأصبح من الشك في ليل مظلم، ومن التوقع في أمر مؤلم.

أصادِقُ نَفْسَ المَرْءِ منْ قَبْلِ جِسْمِهِ ... وأَعْرِفُها في فِعْلِهِ والتَّكَلُّمِ

وأَحْلُمُ عَنْ خِلَّي وأَعْلَمُ أَنهُ ... مَتَى أَجْزِهِ حِلْماً على الجَهْلِ يَنْدَمِ

فَإِنْ بَذَلَ الإنسانُ لِي جُودَ عابِسٍ ... جَزَيْتُ بِجِودِ التّاركِ المُتَبَسَّمِ

يقول: أصادق نفس المرء بمشاكلتي له من قبل جسمه، وأصافيه بمناسبتي إياه من قبل أن يفاتحني بلفظه، وأعرف حال نفسه في فعله وتكلمه، وإشارته وتصرفه.

ثم قال: وهو يشير إلى إعراضه عن مقارضة تقصير سيف الدولة به: وأحلم عن خلي تمسكا بمحبته، وضنانة بما أحرزته من مودته، وأعلم أني إذا جازيته بالحلم على جهله، والصبر على ما قدمه من سوء فعله، أصاره ذلك إلى الندم والإنابة، والإنصاف والاستقامة.

ثم قال، وهو يشير إليه: وإن بذل الإنسان لي من نفسه جود عابس مستكره لجوده، مستثقل لما يسمح من بذله، جزيته بجود تارك عفيف عما وهبه، معرض زاهد فيما بذله، مستبشرا من ذلك بما افعله، متبسما غير مستثقل لما أؤثره.

وأَهْوَى مَنَ الفِتْيَانِ كُلَّ سُمَيْدَعٍ ... نَجِيْبٍ كَصَدْرِ السَّمْهَرِيَّ المُقَوَّمِ

خَطَتْ تَحْتَهُ العِيْسُ الفَلاَةَ وخَالَطَتْ ... بِهِ الخَيْلُ كُبَّاتِ الخَمِيسِ العَرَمْرمِ

ولا عِفَّةَ في سَيفِهِ وَسِنَانِهِ ... ولكِنّهَا في الكَفَّ والفَرْجِ والفَمِ

السميدع: السيد الكريم، والنجيب: الظاهر السيادة، والسمهري: الرمح الصلب، وصدره: أعلاه، وخطت: قطعت بخطوها، والعيس: البيض من الجمال، والبياض فيها من شواهد الكرم، والكبات: القطع العظيمة من الإبل، الواحدة كبة، والخميس: الجيش، والعرموم: الكبير، والعفة: اجتناب المحارم.

فيقول: وآلف من الفتيان كل كريم سيد، نجيب أوحد، جريء نافذ، شجاع صارم،

<<  <  ج: ص:  >  >>