للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: لا تفعل، فكف زمانا، ثم جعل يضرب الأبواب فأرسل إليه مالك فقال: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه. (١)

- وفيه: قال ابن حبيب: أخبرني ابن الماجشون أنه سمع مالكا يقول: التثويب ضلال، قال مالك: ومن أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الدين، لأن الله تعالى يقول: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكم} (٢)، فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا. (٣)

" التعليق:

من قرأ مثل هذه النصوص ووعاها يجد نفسه يعيش في غربة غريبة. هذه الحقائق التي اعتنى بها هذا الإمام واعتبرها بدعة وأوقف المؤذن من أجلها، لو نطق أحدنا بها أو بما يشبهها لعد من كبار المتنطعين المتشددين، وانقلب الناس عليه كأنه مجرم كبير. أين نحن من الإمام مالك؟! أين من يسمون أنفسهم مالكية؟! ابتدعوا الطامات الكبرى واعتقدوها قربة، شيدوا القبور ونذروا إليها وذبحوا عندها. اخترعوا طرقا سموها صوفية، استحلوا ما حرم الله باسم القوانين الوضعية، عطلوا شرع الله وحسبوه تقدما ومدنية، وتعداد ما عليه الناس الآن لا تفي به هذه الإشارة ولكن دمعة أو دمعتان خير من آبار جافة والله المستعان.


(١) ابن وضاح (ص.٨٩) وذكره الشاطبي في الاعتصام (٢/ ٥٥٥).
(٢) المائدة الآية (٣).
(٣) الاعتصام (٢/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>