الزمن بعيد ما بين القصة الآنفة وبين ((وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)) فإبراهيم رزق ذلك بعدما جاوز الثمانين أو التسعين سنة عليه الصلاة والسلام، فما بين إلقائه في النار وبين وهبة الله عز وجل له إسحاق ويعقوب ستون سنة أو قريب منها.
وهب الله له إسحاق بدعوته، وقبل إسحاق كان إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ولكن إسماعيل كان ابناً له من أمة، أي: ليس من زوجة، من هاجر، وكانت أمة لإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وزوجته بها سارة، وسارة كانت أجمل نساء العالمين عليها السلام، فرزق منها بعد ذلك إسحاق، وبعد ذلك جاء من إسحاق يعقوب فيصير حفيداً لإبراهيم؛ لذا قال الله في يعقوب: نافلة، فهو سأل الله عز وجل أن يرزقه الولد، فرزقه إسماعيل ورزقه من زوجته على الكبر إسحاق، وأعطاه من غير سؤال يعقوب ((نَافِلَةً))، يعني: ابناً لإسحاق، ويعقوب هو إسرائيل، ومن إسرائيل جاء كل الأنبياء الذين بعده إلا نبينا صلوات الله وسلامه عليه، فجاء من الفرع الآخر لإبراهيم وهو إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى:{وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ}[الأنبياء:٧٢] أي: أنبياء لله عز وجل، فوصفهم بالصلاح، وهم أحق الخلق بأن يكونوا من الصالحين.
فكأن الله يقول: جعلنا فيهم الصلاح عامدين، لطاعة رب العالمين، فخلق فيهم القدرة على الطاعة وكل ما يكتسبونه بعد ذلك فهو بتوفيق الله سبحانه.
وقوله تعالى:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}[الأنبياء:٧٣] معنى: أئمة، أي: رؤساء في الخير، والمعنى: جعلناهم أئمة يقتدى بهم في أعمال الخير الصلاح.
وقوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}[الأنبياء:٧٣] أي: أوحى الله عز وجل إليهم عن طريق إنزال الملائكة كيف يعملون الخيرات، وكيف يصلون لله رب العالمين، وكيف يزكون، ووصفهم بقوله:((وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)) معناه: في غاية الخشوع وغاية التقرب إلى رب العالمين سبحانه.