يقول المؤلف رحمه الله:(ولهذا يؤمر العبد بالتوبة كلما أذنب)، والتوبة تكون صحيحة من الذنب إذا وجدت الشروط الثمانية التي سبقت، فإذا وجدت الشروط فالتوبة صحيحة مقبولة يمحو الله بها الذنب، فإذا بلي بالذنب مرة أخرى يؤمر بالتوبة، فتكون التوبة محت الذنب السابق والذنب الجديد يحتاج إلى توبة، فإذا تاب توبة نصوحاً بشروطها الثمانية محت هذه التوبة الذنب، فإذا بلي بالذنب مرة ثالثة عليه أن يتوب وهكذا، ولهذا قال بعضهم لشيخه: إني أذنب، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن تحزن الشيطان، أي: استمر.
وهذا كما جاء في الحديث الذي مر بنا لما وقع العبد في الذنب قال:(إني أذنبت ذنباً فتب علي يا رب، فقال الله: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ، قد غفرت لك، ثم أذنب فقال: رب أذنبت، فقال: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به)، وهكذا ثم قال في آخر الحديث:(فليفعل ما شاء) أي: أنه كلما أذنب تاب، والمعنى: أن التوبة مقبولة إذا تاب توبة نصوحاً، وليس معنى ذلك: أنه أذن له بالمعاصي.
قول المؤلف:(وفي المسند عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يحب العبد المفتن التواب) في بعض الألفاظ بدل المفتن: المفتقر، هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم، قيل بضعفه، وقيل: إن إسناده ضعيف، وقيل: إن في إسناده راوياً لم يسم، وهو ضعيف جداً؛ لكن المؤلف رحمه الله ذكره لشواهده، ومن شواهده قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة:٢٢٢].
وهو في المسند وهو من زيادات عبد الله، وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده ضعيف جداً، ورواه أبو يعلى في مسنده، والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه عبد الله وأبو يعلى وفيه من لم أعرفه، ولفظه:(إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب)، والمفتن بفتح التاء المشددة: هو الذي يفتن ويمتحن بالذنوب، ورواه في الحلية بلفظ: المفتقر بدل المفتن.
وعلى كل حال: الحديث وإن كان ضعيفاً لكن له شواهد من القرآن ومن السنة، كقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة:٢٢٢].