قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثم جمع] والحقيقة أنه غريب من ابن مالك، أن يكرر هذا التكرير، ومعناه: إنهم أكدوا بعد كلٍ ودون كل، لكن دون كلٍ قد يجيء وليس كثيراً، فتقول: جاء الرجال أجمع، وجاءت القبيلة جمعاء، وجاء القوم أجمعون، وجاءت النساء جمع، بدون كل.
قال الشاعر: يا ليتني كنت صبياً مُرضَعاً تحملني الذلفاء حولاً أكتعا إذا بكيت قبلتني أربعاً إذاً ظللت الدهر أبكي أجمعا و (الذلفاء)، قيل: إنها اسم امرأة، وقيل: إن الذلفاء هي المرأة الحسناء.
والشاهد في قوله:(إذاً ظللت الدهر أبكي أجمعا) حيث أكد بأجمع دون كل، ولم يقل: إذاً ظللت الدهر كله أجمع.
وفي البيت أيضاً شاهد لجواز الفصل بين المؤكِد والمؤكَد، وهو قوله: الدهر أبكي، فأبكي: هذه جملة معترضة، نظيرها في القرآن قوله تعالى:{وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}[الأحزاب:٥١] فكلهن ليست توكيداً للضمير الذي في (آتيتهن)، ولكنها توكيد للضمير في قوله (يرضين) ففصل بين المؤكِد والمؤكَد.