الريح الرخاء المسخرة لسليمان، فإن الله يأمرها أن تطيعك، ففعل ذلك صلى الله عليه وسلم فحملتهم الريح إلى باب الكهف، ففعلوا منه حجرا، فحمل عليهم الكلب، فلما رأهم حرك رأسه، وبصبص إليهم، وأومأ إليهم برأسه أن ادخلوا، فدخلوا الكهف، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد الله إلى الفتية أروحهم، فقاموا بأجمعهم فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقالوا: معشر الفتية إن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكم السلام، فقالوا: وعلى محمد السلام ما دامت السماوات والأرض، وعليكم بما أبلغتم وقبلوا دينه، ثم قالوا: اقرءوا على محمد صلى الله عليه وسلم منا السلام، وأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي، فيقال: إن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله ويردون عليه السلام، ثم يرجعون إلى رقدتهم، فلا يقومون حتى تقوم الساعة، ثم ردتهم الريح فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"كيف وجدتموهم؟ " فأخبروه الخبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم لا تفرق بيني وبين أصحابي وأنصاري، واغفر لمن أحبني وأحب أهل بيتي وخاصتي". اهـ قلت: ويستفاد من هذا ثلاثة فوائد: الأولى: أن الريح الرخاء سخرت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما سخرت لنبي الله سليمان عليه السلام، الثانية: إيمان أهل الكهف بنبينا صلى الله عليه وسلم، الثالثة: أن أهل الكهف من التابعين لا من الصحابة لاجتماعهم بكبار الصحابة وهم الخلفاء الأربعة الراشدون، ولم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
قال بعض القدماء من الأدباء مبينا أنواع الشعراء في بيتين ونصف:
الشعراء فاعلمن أربعة ... فشاعر يجري ولا يجرى معه
وشاعر يخوض وسط المعمعة ... وشاعر لا تشتهي أن تسمعه
وشاعر لا تستحي أن تصفعه
ثم ذيلها الفاضل الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي للأنواع الأربعة، وموضحا لمعناها بقوله:
فإن ترد بيان ما قد نوعه ... فالمفلق الخنذيذ أعلى الأربعه
فالشاعر الأوسط قدما رفعه ... ثم الشويعر الذي تدرعه
دون دراية فشعرور معه ... والمجد في القاموس زاد الأربعه
بالمتشاعر الذي ما اخترعه ... فالمفلق الخنذيذ لا يجرى معه
وهو فريد الفرقة الموزعه ... صافي القريحة إذا ما انتزعه
فن إلى الشعر إليه استرجعه ... يصوغه صوغا بليغا أودعه
من درر البديع ما قد أبدعه ... أما الذي يخوض وسط المعمعه
فليس في الشعر عظيم المنفعه ... لكن ينادم الأديب في السعه