للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمْ (يَكُنِ) (١) (الضَّرْبُ وَالسَّجْنُ) (٢) بِالتُّهَمِ لَتَعَذَّرَ اسْتِخْلَاصُ الْأَمْوَالِ مِنْ أَيْدِي السرَّاق، والغصَّاب، إِذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّعْذِيبِ وسيلة إلى التحصيل بالتعيين (أو) (٣) الإقرار.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فَتْحُ بَابِ (تَّعْذِيبِ) (٤) الْبَرِيءِ. (قِيلَ) (٥): (فَفِي) (٦) الْإِعْرَاضِ عَنْهُ إِبْطَالُ اسْتِرْجَاعِ الْأَمْوَالِ، بَلِ الْإِضْرَابُ عَنِ التَّعْذِيبِ أَشَدُّ ضَرَرًا، إِذْ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ (لِمُجَرَّدِ) (٧) الدَّعْوَى، بَلْ مَعَ اقْتِرَانِ (قَرِينَةٍ) (٨) تَحِيكُ فِي النَّفْسِ، وَتُؤَثِّرُ فِي الْقَلْبِ نَوْعًا مِنَ الظَّنِّ؛ فَالتَّعْذِيبُ ـ فِي الْغَالِبِ ـ لا يصادف البريء، وإن أمكن مصادفته (فمغتفر) (٩)، كما اغتفر فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ.

فَإِنْ قِيلَ:/ لَا فَائِدَةَ (فِي الضَّرْبِ) (١٠)، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

فَالْجَوَابُ: إِنَّ لَهُ فائدتين (١١):

أحدهما: أَنْ يُعَيِّنَ الْمَتَاعَ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِرَبِّهِ، وَهِيَ/ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ يَزْدَجِرُ حَتَّى لَا يَكْثُرَ الْإِقْدَامُ/ فَتَقِلَّ أَنْوَاعُ هَذَا الْفَسَادِ.

/وَقَدْ عَدَّ لَهُ سَحْنُونُ (١٢) فَائِدَةً ثالثة: وهو الإقرار حالة التعذيب؛


(١) في (غ) و (ر): "يثبت".
(٢) في (ر): كتبت هكذا: (السجنخ والضربق) إشارة إلى تقديم كلمة (الضرب) على كلمة (السجن).
(٣) في (ط) و (خ): "و".
(٤) في (ط): "التعذيب". وفي (ت): "لتعذيب".
(٥) ما بين القوسين ساقط من (غ).
(٦) في (ت): "في".
(٧) في (غ) و (ر): "بمجرد".
(٨) في (غ) و (ر): "تهمة".
(٩) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فتغتفر".
(١٠) في (غ) و (ر): "للضرب".
(١١) في (ت): "فائدتان".
(١٢) هو: فقيه المغرب أبو سعيد، عبد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي تقدمت ترجمته.