للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى (١): انْصَرَفَ مَالِكٌ يَوْمًا إِلى الْمَسْجِدِ وَهُوَ متكئٌ عَلَى يَدِي، فَلَحِقَهُ رجل يقال له: أَبو الجويرة (٢) يُتَّهم بالإِرجاءِ، فَقَالَ: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ! اسمع مني شيئاً أُكلمك به، وأُحاجُّك، وأُخبرك برأْيي. فَقَالَ لَهُ: احْذَرْ أَن أَشهد عَلَيْكَ! قَالَ: وَاللَّهِ! مَا أُريد إِلا الْحَقَّ، اسْمَعْ مِنِّي (٣)، فإِن كَانَ صَوَابًا فَقُلْ بهِ، أَو فَتَكَلَّم. قَالَ (٤): فإِن غَلَبَتْنِي؟ قَالَ: اتَّبِعْني. قَالَ: فإِن غَلَبْتُكَ؟ قَالَ اتَّبعتك (٥). قَالَ (٤): فإِن جاءَ رجل فكلمناه فغَلَبنا؟ قال: اتبعناه. فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا بِدِينٍ وَاحِدٍ، وأَراك تَنْتَقِلُ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضاً لِلْخُصُومَاتِ أَكثر التَّنَقُّل (٦).

وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ الْجِدَالُ في الدين بشيءٍ (٧).


(١) هذه الحكاية نقلها المصنف من "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (٢/ ٣٨)، وذكرها الذهبي في "السير" (٨/ ١٠٦) عن القاضي عياض.
وأسندها الآجري في "الشريعة" (١١٧) عن الفريابي، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن معن بن عيسى.
وسندها صحيح.
ومن طريق الآجري أخرجها ابن بطة في "الإبانة" (٥٨٣)، ولها عنده طريق أخرى (٥٨٤) يرويها الوليد بن مسلم، عن مالك. ولها طرق أخرى مختصرة انظرها في "ذم الكلام" للهروي (٤/ ١١٣ ـ ١١٤رقم ٨٦٩ ـ ٨٧١)، و"شرح أصول الاعتقاد" للالكائي (٢٩٣ و٢٩٤)، "والحلية" لأبي نعيم (٦/ ٣٢٤)، و"شعب الإيمان" للبيهقي (١٤/ ٥٣١ ـ ٣٥٢).
(٢) في (م) و (ت) و (خ): "الجديرة"، والمثبت من (ر) و (غ)، وهو موافق لبعض النسخ الخطية لـ"ترتيب المدارك" كما ذكر المحقق. وجاءت الكلمة مضطربة في مصادر التخريج التي ذكرتها.
(٣) قوله: "مني" ليس في (ر) و (غ).
(٤) في (ت): "قال له مالك".
(٥) في (ر) و (غ): "أتبعك".
(٦) أخرجه الدارمي (١/ ٩١)، والآجري في "الشريعة" (١٨٩١)، وابن بطة (٥٦٦، ٥٦٨، ٥٦٩، ٥٧٧، ٥٧٨، ٥٨٠)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٧٧٠) واللالكائي (٢١٦).
وإسناده صحيح.
(٧) ذكره ابن عبد البر في "الانتقاء" (ص٣٤)، ويشهد له ما تقدم عنه قبل هذا.