للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادَّعى الإِجماع فَهُوَ كَاذِبٌ، وإِنما هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ (١)، وَابْنِ عُلَيَّة (٢)، يُرِيدُونَ أَن يُبْطِلُوا السُّنَنَ بِذَلِكَ". يَعْنِي أَحمد: أَن المتكلِّمين فِي الْفِقْهِ من (٣) أَهل الْبِدَعِ إِذا نَاظَرْتَهُمْ بِالسُّنَنِ وَالْآثَارِ قَالُوا: هَذَا خِلَافُ الإِجماع (٤)، وَذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لَا يَحْفَظُونَهُ إِلا عَنْ بَعْضِ فقهاءِ أَهل (٥) الْمَدِينَةِ أَوْ فقهاءِ (٦) الْكُوفَةِ ـ مَثَلًا ـ، فيدَّعون الإِجماع مِنْ قلَّة مَعْرِفَتِهِمْ بأَقاويل العلماءِ، واجْتِرَائهم عَلَى رَدِّ السُّنن بالآراءِ، حتى كان بعضهم تُسْرَدُ عَلَيْهِ الأَحاديث الصَّحِيحَةُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَنَحْوِهِ من الأَحكام فلا يجد له (٧) مُعْتَصَماً إِلا أَن يَقُولَ: هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحد مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ إِلا أَبا حنيفة أَو مالكاً (٨) [وأصحابهما] (٩)، لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ لرأَى مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مِمَّنْ (١٠) قَالَ بِذَلِكَ خَلْقًا كَثِيرًا" (١١).

فَفِي هَذَا الْكَلَامِ إِرشاد لِمَعْنَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وأَنه لَا يَنْبَغِي أَن يُنقل حُكْمٌ شَرْعِيٌّ عَنْ أَحد مِنْ أَهل الْعِلْمِ إِلا بَعْدَ تحقُّقه والتثبُّت؛ لأَنه مُخْبِرٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ، فإِياكم وَالتَّسَاهُلَ! فإِنه مَظِنَّة (١٢) الخروج عن الطريق الواضح إِلى البُنَيَّات (١٣).


(١) في (خ): "كفر" بدل "بشر".
وبشر هذا هو: ابن غياث المرِّيسي، الجهمي.
(٢) هو: إبراهيم بن إسماعيل بن علية، جهمي هالك، قال الشافعي: هو ضال. انظر ترجمته في "اللسان" (١/ ١٢٠).
(٣) في (خ) و (م): "على".
(٤) قوله: "الإجماع" سقط من (خ) و (م).
(٥) قوله: "أهل، ليس في (خ).
(٦) في (غ) و (ر): "وفقهاء".
(٧) في (خ) و (م): "لها".
(٨) في في (خ) و (م): "أو مالك".
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من "الفتاوى الكبرى".
(١٠) في (خ): "فمن".
(١١) إلى هنا انتهى النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
(١٢) في (غ) و (ر): "فهو مظنة".
(١٣) لم تنقط الباء والنون في (خ) و (م)، فأشبهت: "السيئات".