للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُخَالِفًا للإِجماع ـ كَمَا تَرَى ـ، وَحَضَّ عَلَى اتِّبَاعِ النَّاسِ وَتَرْكِ الْمُخَالَفَةِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ" (١)، وكُلُّ ذَلِكَ مَبْنيٌّ عَلَى الإِجماع الَّذِي ذَكَرُوا (٢): أَن الْجَمَاعَةَ هُمْ جماعة الناس كيف كانوا، وسيأْتي (٣) بيان (٤) مَعْنَى الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ الفِرَق، وأَنها المُتَّبِعَةُ للسُّنَّة وإِن كَانَتْ رَجُلًا وَاحِدًا فِي الْعَالَمِ.

قَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ (٥): "لَا تعبأَ بِمَا يُفْرَضُ (٦) مِنَ الْمَسَائِلِ، ويُدَّعى فِيهَا الصِّحَّة بمُجَرَّد التَّهْويل، أَو بِدَعْوَى أَن لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَقَائِلُ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُ أَحداً قَالَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ فَضْلًا عَنْ نَفْيِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهَا مِنَ الجَلِيَّات الَّتِي لَا يُعْذَرُ (٧) المخالف فيها (٨).

قَالَ: وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ الإِمام أَحمد بن حنبل (٩): "من


=استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية".
قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة.
قال الحاكم: هذا حديث صدوق رواته، شاهد لما تقدَّمه، متفق على الاحتجاج برواته، إلا السائب بن حبيش، وقد عُرِفَ من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات اهـ.
وإسناده حسن، فالسائب قال فيه الدارقطني: صالح الحديث، ووثقه ابن حبان والعجلي، وقال الذهبي في "الكاشف" (١٧٨٨): صدوق، وصححه النووي في "الخلاصة" كما في "نصب الراية" (٢/ ٢٤).
(١) أخرجه مسلم (٤٣٢) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) علق رشيد رضا هنا بقوله: كذا في نسختنا، والظاهر أن الناسخ قد أسقط كلاماً من هذا الموضع، وأقل ما يفهم به الكلام أن يقال: "وأن الجماعة" إلخ. اهـ.
(٣) في الجزء الثالث (ص٢١٠) وانظر (٢٠٦).
(٤) قوله: "بيان" ليس في (خ) و (م).
(٥) هو شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وكلامه هذا في "إقامة الدليل على بطلان التحليل" المطبوع ضمن "الفتاوى الكبرى" (٣/ ٣٧٠) أفاده الشيخ بكر أبو زيد في مقدمته لكتاب "الموافقات" للشاطبي (١/و). قال: وربما أن الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ لم يسمّه، ولم يسترسل بذكره والنقل عنه؛ اتقاءً لما وقع في الخُلوف من عداوته، والنفرة منه. اهـ.
(٦) في (خ) و (م): "يعرض".
(٧) في (خ): يشبه أن تكون: "لا يقدر".
(٨) قوله: "فيها" سقط من (خ) و (م)، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: "كذا في نسختنا".
(٩) أخرجه ابن حزم في "إحكام الأحكام" (٤/ ٥٧٣)، و"المحلى" (٩/ ٣٦٥)، و (١٠/ ٤٢٢) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه.