للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاصتهم، وعند ذلك لا يبقى للعمل (١) فِي أَيْدِيهِمْ رُوحُ الِاعْتِمَادِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ بَابُ عَدَمِ الْقَبُولِ فِي (تِلْكَ) (٢) الْأَعْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْأَمْرِ مَشْرُوعَةً، لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ فِيهَا أَفْسَدَهَا عَلَيْهِمْ، فَحَقِيقٌ أَنْ (٣) لَا يُقْبَلَ مِمَّنْ (٤) هَذَا شَأْنُهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.

وَأَمَّا الثَّانِي (٥): وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ لِأَعْمَالِهِمْ مَا ابْتَدَعُوا فِيهِ خَاصَّةً، فَيَظْهَرُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ: (كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عليه أمرنا فهو رد) (٦). وجميع (٧) (ما جاء) (٨) مِنْ قَوْلِهِ: (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (٩)، أَيْ إِنَّ صَاحِبَهَا لَيْسَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَهُوَ مَعْنَى عدم القبول، وفاق قول الله تَعَالَى: {وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (١٠).

وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ لَا يَقْتَصِرُ فِي الْغَالِبِ عَلَى الصَّلَاةِ دُونَ الصِّيَامِ، وَلَا عَلَى الصِّيَامِ دُونَ الزَّكَاةِ، وَلَا عَلَى الزَّكَاةِ دُونَ الْحَجِّ، وَلَا عَلَى الْحَجِّ دُونَ الْجِهَادِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ، لِأَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ حَاضِرٌ مَعَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ الْهَوَى وَالْجَهْلُ بِشَرِيعَةِ اللَّهِ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ (١١).

وَفِي الْمَبْسُوطَةِ (١٢) عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى (١٣) أَنَّهُ ذكر الأعراف وأهله


(١) في (ط): "لعمل".
(٢) في (م) و (خ) و (ت): "ذلك".
(٣) في (ت): "أنه".
(٤) في (ت): "لمن".
(٥) وتقدم الأول وهو أن يراد عدم قبول أعمالهم بإطلاق.
(٦) تقدم تخريجه (ص١١٤).
(٧) في (خ) و (ت) و (ط)، "والجميع".
(٨) ما بين المعكوفين ساقط من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).
(٩) تقدم تخريجه (ص١١٥).
(١٠) سورة الأنعام: آية (١٥٣).
(١١) وذلك في بداية الباب الرابع (١/ ٢٢١) من المطبوع.
(١٢) ذكر هذا الكتاب الإمام ابن حجر في الفتح، وعزاه لابن نافع. انظر الفتح (١/ ٣٠٥)، وابن نافع هو أحد تلامذة الإمام مالك.
(١٣) هو أبو محمد يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي، الإمام، الحجة، رئيس علماء الأندلس وفقيهها، سمع الموطأ من مالك، وتفقه به من لا يحصى كثرة، وبه=