" قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " سرك أسيرك، فإذا تكلمت به صرت أسيره ". قال الشاعر: إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق وقال عمرو بن العاص: " ما استودعت رجلا سرا فأفشاه فلمته، لأني كنت أضيق صدرا حين استودعته وتمثل: إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرها ... فسرك عند الناس أفشى وأضيع وأخرج الطبراني في " الكبير " (٢٠/ ١٨٣) و" الصغير " (٢/ ١٤٩) والقضاعي في " مسند الشهاب " (١/ ٤١٠ - ٤١٢ رقم ٧٠٧ و٧٠٨) والعقيلي في " الضعفاء " (١٥١). انظر: " الصحيحة " (٣/ ٤٣٦ رقم ١٤٥٣). عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " استعينوا على الحاجات بالكتمان ". (٢) أخرج مسلم في صحيحه رقم (٢٩٥٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ". (٣) قال تعالى: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر: ٣]. قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (١٠/ ٢ - ٣) أخرج البزار في مسنده عن أنس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أربعة من الشقاء جحود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا ". وطول الأمل داء عضال ومرض مزمن ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه واشتد علاجه ولم يفارقه داء ولا نجع فيه دواء. . وحقيقة الأمل: الحرص على الدنيا والانكباب عليها، والحب لها والإعراض عن الآخرة، يروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قام على درج مسجد دمشق فقال: يا أهل دمشق، ألا تسمعون من أخ لكم ناصح، إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا، فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وأملهم غرورا. هذه عاد قد ملأت البلاد أهلا ومالا وخيلا ورجالا فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين! وأنشد: يا ذا المؤمل آمالا وإن بعدت ... منه ويزعم أن يحظى بأقصاها أنى تفوز بما ترجوه ويك وما ... أصبحت في ثقة من نيل أدناها وقال الحسن: ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل وصدق رضي الله عنه! فالأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى، وإن قصر الأمل يبعث على العمل، ويحيل على المبادرة ويحث على المسابقة.