للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ففهموا أنه إذا حصل أي خزي عظيم فقد كفى؛ إذ بحصول خزي واحد يصدق عليهم أن لهم خزيًا إلخ.

أقول: قد تقرر لك أن ادعاء كفاية فرد من أفراد الخزي بعينه لا دليل عليه، وقد ذكرت في حل الإشكال أن التنكير فيه معنى العموم، وإن لم يصح تناوله للمجموع دفعة كما ذكر ذلك جماعة من العلماء، وخرج له ابن كثير كما ذكرتم في تفسير هذه الآية، على أن النزاع إنما هو في أسباب الخزي التي يحصل عندها ليس إلا، والأسباب الكثيرة لا يحصل بها إلا مجرد الخزي؛ فلا فائدة في تطويلنا للاحتجاج على ذلك، ولم ندع المطلوب منا إنزال كل موجب للخزي بهم كما ذكرتم.

قلن: إنهم أحقاء بالخزي العظيم، وأهل لكل فرد من الأفراد الموجبة للخزي، لا أن المطلوب منا إنزال جميعها بهم، فهذا لم أقله أنا ولا غيري فيما أعلم؛ لأن القائل بعموم الخزي لا يقول بأن إنزاله بهم جميعه مطلوب، وهذا ظاهر.

قال: فهذه الآية إنما هي وصف لهم بالخزي، والخزي بالفعل يفارقهم في كثير من الأحوال. . . إلى قوله: ولم يقض أنه واجب علينا إنزال كل فرد من أفراد الخزي بهم لهذه الآية.

أقول: إن أردتم بفراق الخزي فراق أسبابه الموجبة له فمسلم، ولم نقل بلزومه [. . . .] (١) وإن أردتم فراقه نفسه فهو من ذلك القبيل الذي نبهناكم عليه في الصغار، ولا يخفاكم أن النزاع في دليل إجبار اليهود، وهو أعم من الوجوب. وقد جمعت في حل الإشكال (٢) الأدلة الدالة على الجواز، ومنها ما يفيد الوجوب، ومنها ما لا يفيده [١٦]، مطابقة لما سألتم عنه.

قال: لم لا يجوز أن يكون التنكير للنوعية، مع إرادة التعظيم ولا منافاة؟ إلخ.


(١) في المخطوط كلمة غير مقروءة.
(٢) الرسالة رقم (١٦٦).