للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان تفسيرًا للسلف أو للخلف، أم المختص بذلك تفسير السلف فقط؟ إن قلتم بالأول قلنا: قد فسره جماعة (١) من أئمة السلف والخلف بأداء الصغار والجزية، وخروج المهدي، وأعم من ذلك نثبت مطلوبنا، وإن قلتم باختصاص ذلك بالسلف.

قلنا: ما المخصص بعد إحراز نصاب التفسير من غيرهم، مع ما تشعر به العلة التي ربطتم التوقيف بها من عدم الاختصاص؛ لأن الحمل على السلامة لا يختص بالسلف إجماعًا، على أن القول بحمل تفاسير السلف على التوقيف يستلزم المنع [١٥] من تفسير القرآن بغير المرفوع إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وهو خلاف الإجماع، ويستلزم منع الخلف من تفسير آية فسرها أحد السلف اجتماع، وهو خلاف الإجماع، ويستلزم النقيضين في مواطن التفسير المتقابلة، وهو خلاف الإجماع والضرورة، على أنه لم يدع أحد من السلف فيما نحن بصدده الحصر، حتى يجعل تفسير ابن كثير بأعم من ذلك مخالفًا له.

وأما المعارضة فهذا عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وأئمة أهل البيت، وغيرهم قد فسروا الصغار بما يقدح في مدعاكم السابق، - أعني تخصيصه - وهم من خير السلف، فلم لا يحملونه على التوقيف؟ وتسلمون لنا ما ادعيناه فيه من عدم الاختصاص، فأنتم أحق لهذه الأولوية التي ذكرتم هنا؛ أعني الحمل على التوقيف.

قال: وأما الثاني وهو الوقف إن كان نظرهم أدى إلى ذلك، فذلك مراد الله منهم إلى قوله: فتصدق الآية عليه إلخ.

أقول: نزاعنا إلا فيما هو الحق، ونحن أخوان في طلبه، فما لنا ومطابقة نظرهم لمراد آية وعدمها، وأي مطلوب يتعلق بها، ونحن نجلكم عن التقليد، ولا نرضى بانخراطكم في سلك أهله، فدعونا من هذا.

فدع عنك نهبًا صيح في حجراته ... وهات حديثًا ما حديث الرواحل


(١) تقدم ذكره.