على ظلمه، ولم يكن منه خطاب إلا بهذا لا بتسليم أرش جناية ولا قود، فإن كنتم تريدون أن العمل بتلك القرائن القوية على فرض وجودها مسوغ للحكم منكم للغريم على غريمه، على فرض صدور الدعوى منه، فالشكاة المظلومون لم يشكوا من هذا، ولا وصلوا إلينا ولا إليكم من أجله، بل وصلوا يتظلموا من العريف الذي أرسل رسله عليهم وأراد اجتياح أموالهم بعد استحلال أعراضهم، وهتك حرمتهم، فكان عليكم على فرض أن المدعي صار يطالبكم بالإنصاف له من الجاني عليه أن تنصفوه من الجاني عليه، وتنصفوا الجاني من غريمه الذي وصل شاكيًا من أجله، فظلامة الأعراض والأموال كظلامة الدماء، والعباد عباد الله حرم الظلم عليهم كما حرمه لهم.
الوجه السادس: ذكر بعض أهل العلم (١) أن القرائن القوية التي يجوز جعلها مناطًا مثل أن يوجد رجل مقتول بجناية تثعب دمًا طريًا، ورجل آخر قائم عليه في تلك الحال، وبيده السلاح الجارح الذي لا يمتنع أن تكون تلك الجناية منه ... وهو ملطخ بالدم الطري، والرجل مضطرب الحال، متشوش البال، تظهر عليه الريبة التي على من فعل هذا الفعل الشنيع، فهذا قد قال قائل من أهل العلم أنه يجوز العمل به، وخالفه جمهورهم وقال: إنما تكون هذه القرينة [٥] موجبة للتثبت والاستفصال وأعمال السياسة الشرعية والتوقف عن المبادرة بالجزم بأن القول قول المنكر مع يمينه، وكلا القولين قد دلت عليه أدلة، وشهدت له شواهد من الشريعة، يطول المقام بإيرادها، وهي موجودة في مواطنها ولا حاجة لنا بإيرادها، لأنا لا ننكر عليكم العمل بالاجتهاد، وترجيح المرجوح عند الجمهور، وإنما نطلب منكم تقرير القرينة التي عملتم بها فيما نحن بصدده على وجه تكون كهذه الصورة التي لم يقل من قال بالعمل بالقرائن، إلا بما كان مثلها في تحصيل الظن للحاكم فهل دخل مولانا - كثر الله فوائده - عند وقوع الجناية إلى بيت هؤلاء المظلومين فوجدهم ووجد المجني عليه على هيئة تناسب تلك الهيئة، وصورة تلاقيها، فهو المقبول