للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه قال: "من تشبَّه بقوم فهو منهم" وفي الترمذيّ (١) عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "ليس منّا مَن تشبّه بقوم غيرِنا".

قلتُ: هذا إنما يُشكِلُ إذا كان التقنُّعُ هو التَّطيْلُسُ، وليس كذلك بل هو غيرُه، وقد وقع من ظنَّ اتّحادهما في الإشكال، حتى قال ابنُ القيِّم (٢): أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لم يتقنَّع إلا في تلك الساعةِ التي جاء فيها إلى أبي بكر ليختفي بذلك ففعلَه ولم يكن عادته التقنُّع. ثم أجاب عن حديث أنسٍ المذكور بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كان يتقنّع للحاجة من الحرِّ ثم اعترف بعد ذلك بأن التقنُّع ليس هو التَّطَيْلُسَ فلم يبقَ موجِبٌ لتأويل ما ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من إكثار التقنُّعِ.

وأما الاضطباعُ فلم يفعلْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلا في الحج عند الطواف كما في حديث يعلى بن أُميّة عند ابن ماجه (٣) والترمذيّ (٤) وصحّحه وأبي داودَ (٥) وأحمد (٦) وحديث ابن عباس عند أحمد (٧) وأبي داود (٨) ولكن لا مانِعَ مِن فعلِه، ومَن زعم عدم


(١) في "السنن" رقم (٢٦٩٥).
وقال الترمذي: هذا حديث إسناده ضعيف.
ولكن يشهد له ما قبله فهو به حسن.
(٢) في "زاد المعاد" (١/ ١٤٢).
(٣) في "السنن" رقم (٢٩٥٤).
(٤) في "السنن" رقم (٨٥٩) وقال: حديث حسن صحيح.
(٥) في "السنن" رقم (١٨٨٣).
(٦) في "المسند" (٤/ ٢٢٢). وهو حديث حسن.
(٧) "المسند" (١٢/ ١٩ رقم ٢٢٧ ـ الفتح الرباني).
(٨) في "السنن" رقم (١٨٨٤) وهو حديث صحيح.