للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي ".

الثاني: أنه يوم القيامة (١) يأخذ خصماؤه جميع أعماله إلا الصوم، فلا سبيل لهم عليه، قال بهذا ابن عيينة (٢)، وهو محتاج إلى دليل.


(١) قال القرطبي في " المفهم " (٣/ ٢١٢): نقلا عن ابن العربي، قال القرطبي ردا على ذلك بقوله: وقد كنت استحسنته إلى أن فكرت في حديث المقاصة، فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال المذكورة للأخذ منها، فإنه قال فيه: " هل تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وضرب هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار ". وهذا يدل على أن الصوم يؤخذ كسائر الأعمال.
[أخرج الحديث احمد (٢/ ٣٠٣، ٣٣٤) ومسلم رقم (٢٥٨١) والترمذي رقم (٢٤١٨).
(٢) قال ابن حجر في " الفتح " (٤/ ١٠٩): إن ثبت قول ابن عيينة أمكن تخصيص الصيام من ذلك، فقد يستدل له بما رواه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه: " كل العمل كفارة إلا الصوم، الصوم لي وأنا أجزي به ".
ثم قال: ولكنه وإن كان صحيح السند فإنه يعارضه حديث حذيفة: " فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ..... ". أخرجه البخاري في صحيحه رقم (١٨٩٥).
قال ابن حجر في الجمع بينهما: حديث حذيفة هذا لا يعارض حديث: " الأعمال كفارة إلا الصوم " لأنه يحمل في الإثبات على كفارة شيء مخصوص وفي النفي على كفارة شيء آخر.
وقد حمله المصنف في موضع آخر على تكفير مطلق الخطيئة فقال في باب " الزكاة " باب الصدقة تكفر الخطيئة
.: " ويؤيد الإطلاق ما ثبت عند مسلم منحديث أبي هريرة مرفوعا: الصلوات الخمس ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر .... ".
وعلى هذا فقوله: " كل العمل كفارة إلا الصيام " يحتمل أن يكون المراد إلا الصيام فإنه كفارة وزيادة ثواب على الكفارة، ويكون المراد بالصيام الذي هذا شأنه ما وقع خالصا سالما من الرياء والشوائب.